أقسام الناس في مسألة العبادة والاستعانة
تقسيم آخر في مسألة العبادة والاستعانة: يقول شيخ الإسلام رحمه الله: الناس في عبادتهم واستعانتهم على أربعة أقسام: فالمؤمنون المتقون له وبه، أي: العبادة له -لله- والاستعانة بمن؟ بالله، هذا معنى: له وبه، هؤلاء المؤمنون المتقون له وبه، يعبدونه ويستعينون به، وطائفة تعبده من غير استعانة ولا صبر، فتجد عند أحدهم تحرياً للطاعة والورع ولزوم السنة، انظر هذه نوعية موجودة من الناس، لكن أحياناً ما نتفطن، وما نربط الأشياء ببعضها ربطاً جيداً، يقول شيخ الإسلام : هناك أناس عندهم تحرٍ للطاعة والورع ولزوم السنة، لكن ليس لهم توكل واستعانة وصبر بل فيهم عجز وجزع، أي: أنك قد تجد شخصاً في الصف الأول في صلاة الفجر في المسجد، ويجلس إلى طلوع الشمس، ويصلي الضحى، ويأتي بالأذكار والأدعية وقراءة القرآن والأوراد والمحافظة عليها وعبادات، لكن إذا مات ولده سقط وانهار.. انهار!! إذا صار لزوجته حادث انهار! إذا ذهب ماله انهار! يعني: عنده عبادة لكن ليس عنده صبر وتوكل، فهذا الشخص إذاً هو ناقص من هذه الجهة.
وطائفة ثالثة فيها الاستعانة والتوكل والصبر لكن على غير استقامة ولا متابعة للسنة، عندهم صبر وعندهم الاستعانة لكن على غير متابعة للسنة، ولذلك تجد بعض الكفار إذا مات ولده يتجلد ويصبر لفقد الولد، ويوجد شخص مؤمن يموت ولده ولا يصبر.. لماذا؟ هذا الكافر عنده صبر وتجلد لكن لا يؤجر عليه؛ لأنه لم يفعله لله
دخلوا عليه فتجلد عند المصيبة، قالوا: لماذا تجلدت؟ ما شاء الله صبرت، قال: من أجل ألا يشمت الناس بي. ما صبر لله، فيوجد أناس عندهم صبر وعندهم -كما يقولون- صبر كصبر الحمار، لكن ليس لله، فهناك أناس عندهم صبر وتجلد لكن ما عندهم لزوم السنة ولا استقامة على الدين، توجد نماذج من هذا في المجتمع؟ موجودة، ما يقوله شيخ الإسلام موجود، بعض الكفار عنده قلب أجرأ من بعض المسلمين، وبعض الناس عندهم توكل في المعصية، شخص ذهب لبلد من بلاد الفحش يفعل الفاحشة، فواحش، جاء شخص وقال له: يا أخي.. اتق الله، وهذه فيها أمراض، فيها أشياء يصيبك إيدز، يصيبك مرض وبلاء. قال: أنا متوكل .. لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51] أنا ذاهب، لن يصيبني إلا المقدور، وهذا شيء مكتوب، وإذا عزمت فتوكل على الله، فبعض الناس -ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في كلام له- آخر قضية توكل بعض قطاع الطرق، إن بعض قطاع الطرق عندهم توكل عجيب، وأنهم بسبب هذا التوكل يتجاوزون عقباتٍ وأخطاراً ومفازاتٍ، ويقطعون صحاري وينجون ويسلمون ويسرقون ويهربون، عندهم هذه القضية، لكن على ماذا؟ على إجرام، وعلى فساد.
فالمقصود: لا نستغرب إذا وجدنا تجلداً وصبراً عند أهل المعاصي، وبعض هؤلاء عندهم توكل في الأشياء وهم على جريمة، وينجحون في أشياء بسبب ما عندهم من هذه الاستعانة وهذا التوكل، وقد يكونون من أصحاب البدع، كثير منهم أصحاب بدع لكن عندهم توكل، لكن على بدعة.
فإذاً من هم الطائفة؟ ومن هو القسم الناجي؟ ومن هو الذي عنده الاستعانة والتوكل مع العبادة والطريقة الصحيحة، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]؟!
من كان على سنة محمد صلى الله عليه وسلم لكن بصبر واستعانة وتوكل.