باب معرفة الله عز وجل والإيمان به
(*)عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قال الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" رواه مسلم.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: "إن الله تعالى لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه. يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً "يمين الله ملأى([1]) لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم يغض ما في يمينه، والقسط بيده الأخرى يرفع ويخفض" أخرجاه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاتين ينتطحان فقال: "أتدري فيم ينتطحان يا أبا ذر؟ قلت: لا، قال: لكن الله يدري وسيحكم بينهما" رواه أحمد([2
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ هذه الآية "إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" إلى قوله "إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا" ويضع إبهاميه على أذنيه والتي تليها على عينيه. رواه أبو داود وابن حبان وابن أبي حاتم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله. لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله تبارك وتعالى" رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها فقال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" أخرجاه
وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه مسلم.
ولهما عن عمر رضي الله عنه قال: قَدِمَ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي هوازن فإذا امرأة من السبي تسعى إذ وجدت صبياً في السبي فأخذته فألزقته ببطنها فأرضعته فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا لا والله.! فقال: الله أرحم بعباده من هذه بولدها".
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي" رواه البخاري.
ولهما عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءًا وأنزل في الأرض جزءًا واحداً فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه" ولمسلم معناه من حديث سلمان وفيه "كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض" وفيه "فإذا كان يوم القيامة كملها بهذه الرحمة".
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقاً في الدنيا على طاعته" رواه مسلم.
وله عنه مرفوعاً "إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها".
وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجد لله([3]) تعالى والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى" رواه الترمذي وقال حديث حسن.
(قوله) لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً في الصحيحين من حديث أنس.ولمسلم عن جندب مرفوعاً "قال رجل والله لا يغفر الله لفلان" فقال الله عز وجل: «من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك».
وله عن أبي هريرة مرفوعاً "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد" وللبخاري عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك".
وعن أبي هريرة مرفوعاً "إن امرأة بغياً رأت كلباً في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له موقها فسقته فغفر لها به" وقال "دخلت النار امرأة في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض" قال الزهري لئلا يتكل أحد ولا ييأس أحد أخرجاه
وعنه مرفوعاً "عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل" رواه أحمد والبخاري.
وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وما أحد أصبر على أذىً يسمعه من الله، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم" رواه البخاري.
وله عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى يا جبريل([4]) إن الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه([5]) فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في الأرض([6])
وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته. فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" فافعلوا ثم قرأ (فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها). رواه الجماعة وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من أداء ما افتضرته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءلته ولابد له منه" رواه البخاري.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" متفق عليه.
وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما. وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن" رواه البخاري. (باب) قول الله تعالى (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير).
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رمى بنجم فاستنار فقال "ما كنتم تقولون إذا رمي بمثل هذا؟" قالوا كنا نقول ولد الليلة عظيم أو مات عظيم فقال: "إنها لم ترم لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا عز وجل إذا قضى أمراً سبحت حملة العرش حتى يسبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل السماء الدنيا فيقول الذين يلون حملة العرش ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال فيستخبر أهل السموات بعضهم بعضاً حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا فتخطف الجن السمع فيلقونه إلى أوليائهم فما جاءوا به على وجهه فهو الحق ولكنهم يقذفون ويزيدون" رواه مسلم والترمذي والنسائي
وعن النواس بن سمعان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السموات منه رجفة أو قال رعدة شديدة خوفاً من الله عز وجل فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا. أو قال خروا لله سجداً فيكون أول من يرفع رأسه جبرائيل عليه السلام فيكلمه الله من وحيه بما أراد ثم يمر جبرائيل على الملائكة كلما مر بسماء سأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبرائيل؟ فيقول: "قال الحق وهو العلي الكبير" فيقولون كلهم مثل ما قال جبرائيل فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل" رواه ابن جرير وابن خزيمة والطبراني وابن أبي حاتم واللفظ له
(باب) قول الله تعالى:"وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ"عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض؟ رواه البخاري.
وله عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك" وفي رواية عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر "وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده يحركها ويقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا العزيز أنا الكريم فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به" رواه أحمد ورواه مسلم عن عبيد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كيف يحكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأخذ الله سمواته وأرضيه بيديه فيقبضهما فيقول أنا الملك ويقبض أصابعه ويبسطها فيقول أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي الصحيحين عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقبلوا البشرى يا بني تميم" قالوا قد بشرتنا فأعطنا قال: "اقبلوا البشرى يا أهل اليمن قالوا قد قبلنا فأخبرنا عن أول هذا الأمر قال كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء قال فأتاني آت فقال يا عمران انحلت ناقتك من عقالها قال فخرجت في أثرها فلا أدري ما كان بعدي([7]).
وعن جبير بن محمد بن مطعم عن أبيه عن جده قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جهدت الأنفس، وضاعت العيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق لنا ربك فإنا نستشفع بك على الله وبالله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويحك أتدري ما تقول؟ وسبح رسول الله فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ثم قال ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك ويحك أتدري ما الله إن عرشه على سمواته لهكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه وإنه ليئط به أطيط الرحل بالركب" رواه أحمد وأبو داود.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله عز وجل كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك - أما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد" وفي رواية عن ابن عباس - رضي الله عنهما - "وأما شتمه إياي فقوله لي ولد وسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولداً" رواه البخاري ولهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"([8]).
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
--------------------------------------------------------------------------------
(*) أصول الإيمان للشيخ العلامة محمد بن سليمان التميمي رحمه الله تعالى ص7 – 16.
([1]) كما ورد لفظ (يمين الله) في هذا الحديث عند مسلم كذلك ورد عند البخاري في باب (وكان عرشه على الماء) من كتاب التوحيد وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في باب قوله تعالى (لما خلقت بيدي) من فتح الباري أن رواية (يمين الله) يتعقب بها على من فسر اليد في هذا الحديث بالنعمة.
([2]) في حديث أبي ذر من مسنده ومن طريقه أورده ابن كثير في تفسيره عند الآية الكريمة "إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون".
([3]) في (خ.م) ملك واضع جبهتم ساجد وكذلك في مخطوطة سماحة المفتي.
([4]) في (خ.م) ومخطوطة الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله نادى جبريل بدون حرف النداء.
([5]) من قوله "فيحبه جبريل" إلى "فأحبوه" في خ. م.
([6]) وقع هنا في المطبوعة إثر كلمة "ويوضع له القبول في الأرض" وقع إثرها ما نصه "والذي في صحيح البخاري أتم وسياقه بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يجب فلاناً فأحبه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض انتهى من صحيح البخاري. وليست هذه العبارة فيما لدينا من مخطوطات هذا الكتاب وإنما فيها بعد قوله "ويوضع له القبول في الأرض" ما نصه "وعن جرير بن عبد الله البجلي كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا نظر إلى القمر ليلة البدر" ولاشك في أن هذا أسلم وأبعد من التشويش الذي حصل بوجود تلك العبارة.
([7]) في (خ. م) ما قال بعدي.
([8]) المصدر السابق ص7 – 16.