ذكر أمور تتعلق بالمصيبة من البكاء والندب وشق الثياب ودعوى الجاهلية ونحوها


فريق عمل الموقع

 

ذكر أمور تتعلق بالمصيبة من البكاء والندب وشق الثياب ودعوى الجاهلية ونحوها

فمنها البكاء على الميت ومذهب أحمد وأبى حنيفة أجازاه قبل الموت وبعده واختاره أبو اسحاق الشيرازى وكرهه الشافعى وكثير من أصحابه بعد الموت ورخصوا فيه قبل خروج الروح واحتجوا بحديث جابر بن عتيك: "أن رسول الله جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجب فاسترجع وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل ابن عتيك يسكتهن فقال رسول الله دعهن فاذا وجب فلا تبكين باكية قالوا وما الوجوب يا رسول الله قال الموت" رواه أبو داود والنسائى

 

 

قالوا وفي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله قال: "ان الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" وهذا انما هو بعد الموت وأما قبله فلا يسمى ميتا وعن ابن عمر: "أن رسول الله لما قدم من أحد سمع نساء بنى عبد الاشهل يبكين على هلكاهن فقال لكن حمزة لا بواكى له فجئن نساء الانصار فبكين على حمزة عنده فاستيقظ فقال ويحهن أتين هاهنا يبكين حتى الآن مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم" رواه الامام أحمد وهذا صريح في نسخ الاباحة المتقدمة

والفرق بين ما قبل الموت وبعده أنه قبل الموت يرجى فيكون البكاء عليه حذرا فاذا مات انقطع الرجاء وأبرم القضاء فلا ينفع البكاء.

قال المجوزون قال جابر بن عبدالله: "أصيب أبى يوم أحد فجعلت أبكى فجعلوا ينهوننى ورسول الله لا ينهانى فجعلت عمتى فاطمة تبكى فقال النبي تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعوه" متفق عليه

 

 وفي الصحيحين أيضا عن ابن عمر قال: "اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن ابى وقاص وعبد الله بن مسعود فلما دخل عليه وجده في غشية فقال قد قضى قالوا لا يا رسول الله فبكى رسول الله فلما رأى القوم بكاءه بكوا فقال ألا تسمعون ان الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم"

 

 

وفي الصحيحين أيضا من حديث أسامه بن زيد: "أن رسول الله انطلق إلى إحدى بناته ولها صبى في الموت فرفع اليه الصبى ونفسه تقعقع كأنها في شنة ففاضت عيناه فقال سعد ما هذا يا رسول الله قال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وانما يرحم الله من عباده الرحماء".

وفي مسند الامام أحمد من حديث بن عباس قال ماتت رقية ابنة رسول الله فبكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه فقال النبي: "دعهن يا عمر يبكين وإياكن ونعيق الشيطان ثم قال انه مهما كان من العين ومن القلب فمن الله ومن الرحمة وما كان من اليد ومن اللسان فمن الشيطان" وفي المسند أيضا عن عائشة أن سعد بن معاذ لما مات حضره رسول الله وأبو بكر وعمر قالت فوالذى نفسى بيده انى لأعرف بكاء أبى بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتى وفي المسند أيضا عن أبى هريرة قال مر على النبي بجنازة يبكى عليها وأنا معه ومعه عمر بن الخطاب فانتهر عمر اللاتى يبكين عليها فقال النبي: "دعهن يا ابن الخطاب فان النفس مصابة وان العين دامعة والعهد قريب".

 

 

وفي جامع الترمذى عن جابر بن عبدالله قال أخذ النبي بيد عبد الرحمن ابن عوف فانطلق إلى ابنه ابراهيم فوجده يجود بنفسه فأخذه النبي فوضعه في حجره فبكى فقال له أتبكى أو لم تكن نهيت عن البكاء قال لا ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند مصيبة خمش الوجه وشق الجيوب ورثة الشيطان قال الترمذى هذا حديث حسن  وقد صح عنه أنه زارقير أمه فبكى وأبكى من حوله وقد صح عنه أنه قبل عثمان بن مظعون حتى سالت دموعه على وجهه وصح عنه أنه نعى جعفر وأصحابه وعيناه تذرفان وصح عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه أنه قبل النبي وهو ميت وبكى

 

 

فهذه إثنا عشرة حجة تدل على عدم كراهة البكاء فتعين حمل أحاديث النهى على البكاء الذى معه ندب ونياحة ولهذا جاء في بعض ألفاظ حديث عمر: "الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه" وفي بعضها "يعذب بما ينح عليه" وقال البخارى في صحيحه قال عمر دعهن يبكين على أبى سليمان يعنى خالد بن الوليد ما لم يكن نقع أو لقلقة والنقع حث التراب واللقلقة الصوت

وأما دعوى النسخ في حديث حمزة فلا يصح اذ معناه لا يبكين على هالك بعد اليوم من قتلى أحد ويدل على ذلك أن نصوص الاباحة أكثرها متأخرة عن غزوة أحد منها حديث أبى هريرة إذ اسلامه وصحبته كانا في السنة السابعة ومنها البكاء على جعفر وأصحابه وكان استشهادهم في السنة الثامنة ومنها البكاء على زينب وكان موتها في السنة الثامنة أيضا ومنها البكاء على سعد بن معاذ وكان موته في الخامسة ومنها البكاء عند قبر أمه وكان عام الفتح في الثامنة

 

 

وقولهم انما جاز قبل الموت حذرا بخلاف ما بعد الموت جوابه أن الباكى قبل الموت يبكى حزنا وحزنه بعد الموت أشد فهو أولى برخصة البكاء من الحالة التى يرجى فيها وقد أشار النبي إلى ذلك بقوله: "تدمع  العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وانا بك يا ابراهيم لمحزونون".

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ ذكر أمور تتعلق بالمصيبة من البكاء والندب وشق الثياب ودعوى الجاهلية ونحوها

  • أصناف الأموال التي تجب فيها الزكاة

    د. فخر الدين بن الزبير

    1- النقدان: وهما الذهب والفضة، وتلحق بهما العملات المعاصرة، ونصاب الذهب: (85 جراماً)، ونصاب الفضة: (959 جراماً)،

    13/08/2022 822
  • ما لا ينبغي فعله في الصلاة

    د. فخر الدين بن الزبير المحسي

    1- وضع اليد على الخاصرة 2- تشبيك الأصابع، وفرقعتها. 3- الالتفات لغير حاجة 4- رفع البصر إلى السماء 5- التثاوب،

    04/07/2022 830
  • صِفَةُ الصَّلاةِ (1/5)

    د. فخر الدين بن الزبير المحسي

    1)  اذا قمت الي الصلاة فاستقبل الكعبة حيثما كنت بجميع بدنك 2)  وهناك اعذار تجوز معها الصلاة الي غير

    19/06/2022 863
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day