لماذا لا يكون أكثر من خالق أزلي؟
16- لماذا لا يكون أكثر من خالق أزلي؟
قال الله تعالى:
{ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا } (سورة الأنبياء: 22).
17- لكن ما المانع العقلي من أن يكون هناك إلهين ويتفقا – بحيث لا يتعارض قراريهما – ؟
القضية ليست بفساد الكون لاتخاذ قرارين متعارضين.
أو لأنه يمكن أن يتفقا فلا يفسد الكون.
القضية العقلية التي تقدمها الآية الكريمة أبعد وأشمل من ذلك بكثير!
وجود إله مع الله يقتضي التركيب – تعدد الجواهر أو العلل-.
والتركيب يستلزم الافتقار.
والافتقار على الخالق – حاشاه سبحانه – يستلزم عدم أمان الكون وأنه قد ينهار.
فلا ضمان لبقاء الكون مع إله مفتقر!
ولا ضمان لعدم فساد السماوات والأرض في أية لحظة مع إله مفتقر!
{ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } (سورة الأنبياء:22).
تنزه الباري عن التركيب والافتقار فهو الغني القيوم سبحانه.
أضف إلى ما سبق: أنه لو كان فيهما إلهين أو أكثر فإمكان التعارض بالفعل أقرب عقلاً من التوافق لأن أكثر من إله يعني أكثر من جوهر وأكثر من مشيئة وأكثر من إرادة، وتعدد الإرادات يعني إفتقار كل أحد، والافتقار يقتضي التعارض عقلاً!
18- لماذا الدين؟
أشرس ملحد يؤمن أن الصدق أفضل من الكذب، أليس كذلك؟
أشرس ملحد يؤمن أن الأمانة أفضل من الخيانة، أليس كذلك؟
هذه مصطلحات ليست من هذا العالم وليس في العالم المادي ما يبرر معناها ولا مقتضاها.
فما معنى الصدق؟
فما معنى الكذب؟
هل لو قمنا بتحليل أعماق الذرة سنرصد معانٍ مثل الصدق أو الكذب؟
هل لو رصدنا فيزياء المجرات أو كيمياء الهرمونات سنرصد الأمانة أو الخيانة؟
هذه مصطلحات ليست من هذا العالم المادي.
لكنها مصطلحات حقيقية.
بل هي أهم شيء في الوجود على الإطلاق.
فقيمة الإنسان بأخلاقه وليس بحجمه المادي ولا بعدد ذراته ولا بمستوى طاقة خلاياه.
قيمة الإنسان بالتكليف الإلهي داخله.
فهناك رجلٌ صالح ورجلٌ فاسد.
لكن لا يوجد جبلٌ صالح وجبل فاسدٌ.
ولا نرصد كوكباً أميناً وكوكباً خائناً.
الإنسان فقط هو معنى القيمة ومعنى الغاية ومعنى الوجود.
الإنسان فقط هو الذي يستوعب الوجود.