هداية الخالق تعويض ما يفقده من أجزاء جسمه


عمر سليمان الاشقر



 
ويتعرض الدكتور يوسف في مقالاته في جريدة الأهرام عما زود الله به مخلوقاته من خاصية تعويض الحيوان عما يفقده من أجزاء جسده فيقول : " ومن الصفات الأخرى المذهلة التي نجدها في جميع الحيوانات والنباتات القدرة على تعويض الأجزاء المفقودة ، وتوجد بدرجات مختلفة في الكائنات الحية .


ففي حيوانات عديدة مثل ذلك الحيوان المسمى ((الهيدرا)) نجد شيئاً عجيباً يكتفي العلم بوصفه ، ولكنّه لا يستطيع له تفسيراً ، هذا الحيوان يعيش في الماء ، وهو أنبوبي الشكل لا يزيد طوله عن بضعة مليمترات ، ذو قاعدة مقفلة وفتحة أمامية تستخدم كفم لدخول الطعام ، وفي الوقت نفسه تستعمل كفتحة (( است )) تخرج منها الفضلات . وحول تلك الفتحة نجد عدداً من الزوائد المجوفة ، يتصل تجويفها بتجويف الجسم .


إذا قطعنا هذا الحيوان إلى نصفين ، نصف علوي ، ونصف سفلي ، فإننا نجد أنّ بعض الخلايا في كل نصف تتكاثر بحث تستكمل الأجزاء الناقصة ، فتكون النتيجة تكوين حيوانين يشبهان الحيوان الأصلي ، ولا يقتصر الأمر على ذلك ، إذ أننا لو قطعنا ذلك الحيوان ، إلى عدة أجزاء فإنّ كل جزء ينمو ويعوض جميع الأجزاء المفقودة ، ويصبح حيواناً كامل التكوين .


ويتركب جدار الجسم لهذا الحيوان من طبقتين من الخلايا : طبقة خارجية وطبقة داخلية تحيط بالتجويف الداخلي للجسم ، وفي كل طبقة من الطبقتين توجد أنواع مختلفة من الخلايا لكل نوع منها وظيفة محددة ، ومعظم خلايا الطبقة الخارجية وظيفتها الأساسية حماية جسم الحيوان ، أما الطبقة الداخلية فوظيفتها الرئيسة هضم الغذاء الذي يبتلعه الحيوان من خلال فتحة الفم .

 
ولو قلبنا ذلك الحيوان كما يقلب الجورب ، فإنّ الخلايا التي كانت خارجية تصبح داخلية ، أي تحيط بتجويف الجسم ، بينما الخلايا التي كانت داخلية تصبح خارجية ، فماذا يحدث في هذه الحالة ؟ لقد وجد العلماء الذين أجروا هذه التجارب أن الخلايا التي أصبحت الآن خارجية تهاجر نحو الداخل ، بينما الخلايا التي أصبحت داخلية تهاجر نحو الخارج لكي يعود تركيب الحيوان إلى ما كان عليه ، ولو لم يحدث ذلك لمات الحيوان ، إذ إن الخلايا التي تحيط بتجويف الجسم لا بدّ أن تكون الخلايا الهاضمة ، لتتم عملية هضم المواد الغذائية التي في تجويف الجسم ، بينما الخلايا الخارجية لا بدّ أن تكون الخلايا الوقائية التي تحفظ الجسم وتقيه من التلف .
وإذا قطعنا دودة الأرض إلى جزءين ، فإنّ كل جزء ينمو ، ويعوض الجزء المفقود .


وفي حيوانات أخرى ( كالجمبري ، أو الكابوريا ) وغيرهما إذا فقدت إحدى الأرجل فإنّ رجلاً جديدة تتكون بدلاً من المفقودة .
والبرص إذا استشعر خطراً أو أمسكه من ذنبه إنسان أو حيوان فإنه يفصل ذلك الذنب عن جسمه ، وينجو من الخطر ، وينمو له ذنب جديد .
ونحن إذا جرحنا أنفسنا في أثناء الحلاقة أو لأي سبب آخر ، فإن خلايا جديدة تتكون بدلاً من الخلايا التي أتلفها الجرح ، ولو لم يحدث ذلك لما أصبح في الإمكان إجراء أية عملية جراحية .
وإذا كسرت لنا عظمة فإنّ خلايا جديدة تتكون ويلتئم الكسر .


لا يمكن أن يحدث هذا نتيجة للمصادفة ، بل لا بدّ أن يكون نتيجة تدبير يتجه نحو هدف معين ، وهو المحافظة على حياة الفرد ، وتحكمه قوى كامنة في الحيوان لم يتوصل العلم إلى كنهها ، إنها قوى أودعها الله في الحيوان ، والحيوان لا يعلم عنها شيئاً ، ولا يدرك ماذا يفعل " .

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ هداية الخالق تعويض ما يفقده من أجزاء جسمه

  • الفرق بين (الخالق والخلاق)

    فريق عمل الموقع

    الخالق: الخالق هو الذي ينشئ الشيء من العدم بتقدير وعلم ثم بتصنيع وخلق عن قدرة وغنى، فالخالق هو الذي قدر بعلم وصنع

    25/01/2022 2477
  • هداية الخالق الكائنات لطريقة التكاثر

    عمر سليمان الاشقر

    يقول الدكتور يوسف عز الدين موضحاً هذا الموضوع : " من الأشياء العجيبة التي تشترك فيها جميع الكائنات الحية القدرة

    18/10/2009 8606
  • وهداية الله للإنسان..

    عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

    على أربعة أوجه: أولاً: الهداية العامة، وهي: هداية كل نفس إلى مصالح معاشها وما يقيمها، وهي هداية شاملة للحيوان

    23/11/2022 541
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day