بما أن الله يعلم أن هناك أشخاص سيلحدون فلماذا خلقهم؟
27- بما أن الله يعلم أن هناك أشخاص سيلحدون فلماذا خلقهم؟
انظر إلى قول الله عز وجل
{ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ } (سورة الزخرف:5).
هل بما أنكم ستكفرون في علم الله إذن لا يخلقكم الله؟
ما هذا التصور السخيف؟
الذي يستحق المؤاخذة والعقاب من العدل أن يُخلق ثم يذهب لما يستحق!
إذا كان الملحد يستحق الكفر في علم الله فما المانع من خلقه ثم محاسبته؟
هل بما أنه سيكفر إذن يريحه ولا يخلقه؟
أليس هذا محض تحكم وافتراض ساذج؟
إذا كان الملحد يستحق الخلود في النار فمن العدل أن يذهب لما يستحق.
ثم إن معيارنا للحكم على العدل ليس معيار مطلق، بل معيار محدود بحدود طبيعتنا البشرية، والعدل المطلق هو الله سبحانه وتعالى وأخبر أنه لن يظلم عباده
{ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } (سورة ق: 29).
فيكون هذا هو المرجع فيما قصرنا عن استيعابه، وهذا أسلم عقلاً، لأن أصل الكفر هو التكذيب بما لم نحط بعلمه
{ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } (سورة يونس: 39).
28- هل علم الله بأن فلاناً سيُلحد هو جبر له على الإلحاد؟
علم الله بما سيقع ليس جبراً.
تخيل أستاذاً دخل أحد الفصول وقبل نهاية العام قال هيثم سينجح وفلان سيفشل بحكم خبرته ومعرفته بمستوى طلبته، وكتب توقعاته تلك في كتاب عنده، وكانت النتيجة كما قال وكتب.
هل نقول أن معرفته بنتيجة الطلبة كانت جبراً لهم؟
هل نقول أن كتابه لما توقعه إكراه؟
ولله المثل الأعلى.
فالله سبحانه أخبر أنه عليم وفي نفس الوقت أثبت لنا المشيئة وحرية الاختيار
{ لِمَن شَآء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } (سورة التكوير:28).
وقال سبحانه:
{ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } (سورة البلد: 10).
فمعرفة الله بما سيقع ليس جبراً لنا.
فالله عز وجل أراد أن تكون لنا إراده وأراد أن نختار
{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } (سورة الإنسان: 3).
والله هو مَن قال أنه يعلم كل شيء وفي نفس الوقت قال:
{ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْن فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } (سورة الليل: 5-10).
وأيضاً قال سبحانه
{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } (سورة البلد:10).
أما كون الملحد يريد أن يجعل من علم الله مانعا لإرادة الإنسان فهو بذلك يُعطل أحد أفعال الله على حساب فعل آخر وهذا حال كل كافر حتى يستقيم له كفره، أما المسلم فيُسلم بكل أفعال الله وأنها كلها واقعة.