الغاية الكبرى: سبب الوجود
وفقًا للطبيب النفسي الوجودي النمساوي فيكتور فرانكل (Victor Frankl)، فإن "إرادة المعنى (the will to meaning)" هي الدافع الأساسي لحياة الإنسان.
• في كل إنسان رغبة فطرية لإيجاد المعنى والهدف الأعظم للوجود. هذه الرغبة لا يمكن الهرب منها؛ لأنها راسخة في جذور الطبيعة البشرية، ففي أعماق نفوس البشر رغبة عميقة في أن يكون لحياتهم معنى أكبر من مجرد الوجود المادي.
• أهداف الحياة على كثرتها وتنوعها على امتداد رحلة العمر هي في النهاية مؤقتة ومتغيرة وفردية؛ تختلف من شخص لآخر وتتغير وفقًا لمراحل الحياة والظروف التي يمر بها الإنسان؛ ففي بعض الأحيان يكون الهدف هو المهنة، وأحيانًا الثروة، وأحيانًا العلاقات الاجتماعية. لكن أيًّا من هذه الأشياء وحدها لا يشكل هدفًا أصليًّا، أو دائمًا، أو مُرْضِيًا في حد ذاته. فبدون دافع حقيقي للوجود يصبح السعي لتحقيق هذه الأهداف، أو غيرها، عديم المعنى.
• تفقد الأهداف الشخصية أهميتها وتصبح عبثية في كنف عالم عشوائي بدون أصل واضح وغاية عظمى؛ لتصبح مجرد حركة بدون وجهة، وأحداثًا بدون سبب، وجهدًا بدون غاية سامية محددة تلوح في الأفق.
• العدم الجاثم أمام الإنسان عند طرفي الحياة - الولادة والموت - سيؤدي حتمًا إلى تحويل أي محاولات يقوم بها أثناء الرحلة بينهما إلى صراع عديم الجدوى لإيجاد معنى وغاية في الفراغ والعدم.
• استمداد قوة الإرادة والطاقة اللازمة للاستمرار في السعي وتحقيق الأهداف، ومواجهة تقلبات الحياة ومخاوفها، يمكن أن يتحقق فقط في ظل غاية دائمة وشاملة ومنطقية؛ تكون هي الموجهة والراعية لكافة أنشطة وأهداف الحياة المختلفة.
• يخبر الله تعالى في كتابه العزيز أنه ما خلق هذا الوجود عبثًا ولا لعبًا من غير فائدة، ولا ثواب ولا عقاب، بل خلق الكون على الوجه الأكمل، حسب نظام وقانون يسير به في اتجاه معين نحو غاية محددة؛ للدلالة على قدرة الخالق؛ ويؤكد في أكثر من موضع على قدسية الحياة وجدية هدفها وجدية دور الإنسان فيها:
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
(الدخان 44: 38-39)
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ
(ص 38: 27)
وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
(الجاثية 45: 22)