"الله" في الإسلام
الله عز وجل، كجزء لا يتجزأ من التعريف به سبحانه؛ هو وحده السيد المالك لهذا الكون، وهو الموجود بذاته؛ فلا يستمد وجوده من أحد، ولا يحتاج إلى أحد، ولا يفتقر إلى أحد، بل كل شيء يفتقر إليه في وجوده وبقائه؛ فالعالَم بكل من فيه وما فيه وُجِد بإيجاد الله تعالى له، ويعتمد عليه كليًّا في قُوَّته وبقائه.
الله عز وجل لا يحتاج لمن يمنحه الوجود أو القوة أو الكمال، فهو كامل في ذاته، قائم بنفسه، لا يفتقر إلى غيره، متصف بصفات العلا والكمال سبحانه، وهي غير منفصلة عنه. فلا يمكن أن يكون إلا كاملًا، غنيًّا بذاته غنى تامًّا، قادرًا مقتدرًا؛ فكماله وغناه وقدرته من لوازم ذاته سبحانه. إذا كان مخلوقًا، أو يتوقف وجوده على وجود غيره، أو محدودًا، أو متغيرًا، أو متبدلًا، أو به نقص أو عدم كمال بأي شكل من الأشكال، فهذا يُفقِده أحد خصائص الألوهية؛ لا يمكن بعدها أن يستحق أن يُدعى "إلهًا" لانتفاء صفة الألوهية عنه، حسب مقتضى تعريف الإله الحق.
الله عز وجل هو الحي الباقي الدائم الذي لا يفنى ولا يموت، موجود بلا بداية، باقٍ بلا نهاية، غير محدود بزمان أو مكان أو قوانين الطبيعة، فهو مَنْ خَلَقهم ووَضَع نظام عملهم. فيستحيل أن يخضع الصانع لما صنع، أو أن يحيط المصنوع بالصانع، بل هو كائن أبدًا خارج حدود ما صور وخلق وأبدع، تمامًا كما يقف الفنان خارج أبعاد لوحته، أو صاحب الحرفة خارج أبعاد الإناء أو الوعاء الذي صنعه.
الله عز وجل لا كفؤ له ولا نظير ولا مثيل، يقول القرآن الكريم بوضوح تام:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
(الشورى 42: 11)
فليس كمثل ذاته ذات، وليس كمثل صفاته صفات، وليس كمثل أفعاله أفعال. أي إن الله سبحانه وتعالى لا يشبهه شيء ولا يشبه مخلوقاته. وجود الزوجة والولد والشريك والنظير...إلخ ينطبق فقط على مخلوقاته ولا يليق إلا بها - تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.
الله عز وجل لا يتجسد على الإطلاق في بشر أو أي كائن كي يراه الإنسان؛ لذا يعجز العقل البشري عن تصوره، ويحرم التعبير عنه بأي صورة أو شكل. بل يرسل إلى البشر رسولًا بعد رسول، تعريفًا به عز وجل، وترغيبًا، وتنبيهًا، وإرشادًا، ويهديهم إلى طريقه المستقيم بكتاب بعد كتاب.
الله عز وجل وحده من يهب الحياة وهو وحده من ينتزعها، وهو تام القدرة، لا يمتنع عليه شيء أراده، ولا يُعجزه شيء شاءه، لا معبود بحق غيره، جل وعلا. كل ما عُبِد من دونه معبود باطل (سواء كان بشرًا أو ملكًا أو حجرًا أو شجرًا أو غير ذلك من المخلوقات أو الجمادات). فالعبادة بكل أنواعها الظاهرة والباطنة حق خالص لله تعالى، فليس لأحد أن يُعبَد إلا الله وحده. الصلاة والصوم والزكاة والذبح والنذر والدعاء والتوكل وسائر العبادات لا تكون إلا لله وحده بلا شريك أو وسيط. صَرْف أي عبادة أو توجيهها لغير الله هو شِرْك (مُحبِط للعمل، ويخلد صاحبه في النار إذا مات مُصِرًّا عليه).
الله هو الاسم المفرد العلم للإله الواحد الحق، وهو اسم جامع لمعاني كل الأسماء الحسنى والصفات العلى وحقائقها، تفرد به الخالق سبحانه وخص به نفسه، ومنع أن يتسمى به أحد غيره. وأصل اشتقاقه في اللغة العربية من: "الإله" يعني المَأْلُوه، المعبود؛ وحده المستحق أن يُؤلَّه ويُعبَد من جميع الخلق. اسم الجلالة (الله) لفظة فريدة، فهو لا يُثنى ولا يُجمع ولا يُؤنَّث، ويدل على المعبود والخالق في الديانات التوحيدية الثلاث. أعظم تعريف، مختصر وشامل في آنٍ واحد، لله عز وجل هو الذي جاء في سورة الإخلاص (112: 1-4):
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ. اللَّـهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ