نفحات قرآنية في سورة النور


الشيخ محمد بن صالح الشاوي

قال تعالى: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 3].

النكاح في القرآن هو عقد الزواج وليس الجماع.

والمعنى: أنه لا يجوز عقد النكاح للزاني، وكذلك لا يجوز أن يُعقد النكاح للزانية، وذلك قبل التوبة؛ لأن ذلك محرم على المؤمنين.

♦♦♦

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 6 - 10].

اللعن: هو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى ومن جنته، يقال: لعنه الله، أي: باعده الله من رحمته.

والغضب: هو السخط، يقال: عليه غضب الله، أي: عليه سخط الله.

ومعلوم أن الغضب أخف من اللعن. والغالب أن المرأة بعد الملاعنة قل أن يرغب فيها أحد، لذلك لم يجمع الله لها العقوبتين رحمة بها.

♦♦♦

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11]

قوله: ﴿ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾، ومن الخير أنه بين الأحكام المتعلقة بالقذف وعقوبته، وقوله: ﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ ﴾، هو رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول.

♦♦♦

قال تعالى: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 33]

هذه الآية نزلت في رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول؛ حيث كان عنده فتيات إماء مملوكات له يكلفهن بجمع المال له من البغاء.

♦♦♦

قال تعالى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35]

أي: منورهما؛ لأن النور نوعان:

1- حسّي مخلوق، وهو نور صادر من الكواكب ونحوها، وهذا النور مستمد من نور الله؛ لأنه هو الذي ينور الكون.

2- معنوي: وهو نور الإيمان بالله ونور شرعه وكتابه.

♦♦♦

قال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [النور: 61]

لم يذكر في هذه الآية (وبيوت أبنائكم)، قيل: لأنها داخلة تحت ﴿ بُيُوتِكُمْ ﴾، كما في الحديث: "أنت ومالُك لأبيك؛ إن أولادَكُم من أطْيَبِ كَسْبِكُم، فكُلُوا من كَسْبِ أوْلادِكُم" [أخرجه أحمد في المسند (2/179)، وأبو داود برقم (3530)، وابن ماجه برقم (2292)، عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال محقق المسند: حديث حسن].

♦♦♦

قال تعالى: ﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]

قوله: ﴿ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بأن يقذف في قلبه الشرك أو الشك فيهلك.

والمعنى: فليحذر من خالف أمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يصيبه شرك وشك وشر وعذاب أليم.


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ نفحات قرآنية في سورة النور

  • نفحات قرآنية في سورة العصر

    الشيخ محمد بن صالح الشاوي

    قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

    01/05/2021 1213
  • نفحات قرآنية في سورة ق

    الشيخ محمد بن صالح الشاوي

    قال تعالى: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]. هذا قسم، وجواب القسم في قوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَمِنَ

    07/01/2021 1268
  • نفحات قرآنية في سورة الكافرون

    الشيخ محمد بن صالح الشاوي

    قال تعالى: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6] قال الشيخ ابن عثيمين: أحيانًا الدين يكون للجزاء، مثل

    06/05/2021 1199
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day