الكسب على العيال أو الجهاد؟
كتب إبراهيم بن أدهم إلى عباد بن كثير بمكة:
اجعل طوافك وحجك وسعيك، كنومة غاز في سبيل الله (1).
فكتب إليه عباد بن كثير: اجعل رباطك وحرسك وغزوك، كنومة كاد (2) على عياله من حله (3) (4).
ازدحام
مرَّ إبراهيم بن أدهم على حلقة الأوزاعي - رحمهما الله - فرأي ازدحاماً كثيراً، فقال: لو كان هذا الازدحام على أبي هريرة رضي الله عنه لعجز عنه (1).
فبلغ ذلك الأوزاعي فترك الجلوس من ذلك اليوم (2).
من
قال إبراهيم:
من عرف ما يطلب، هان عليه ما يبذل.
ومن أطلق بصره، طال أسفه.
ومن أطلق أمله، ساء عمله.
ومن أطلق لسانه، قتل نفسه (3).
إنه يراك
قال إبراهيم:
الهوى يردي، وخوف الله يشفي.
واعلم أن ما يزيل عن قلبك هواك، وإذا خفت من تعلم أنه يراك (1).
ما أنت إليه صائر
قال إبراهيم:
اذكر ما أنت صائر إليه، حق ذكره.
وتفكر فيما مضى من عمرك، هل تثق به، وترجو النجاة من عذاب ربك؟!
فإنك إذا كنت كذلك، شغلت قلبك بالاهتمام بطريق النجاة، عن طريق اللاهين الآمنين المطمئنين، الذين اتبعوا أنفسهم هواها، فأوقعتهم على طريق هلكتهم.
لا جرم سوف يعلمون، وسوف يتأسفون، وسوف يندمون
{وَسَيَعْلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا أَىَّ مُنقَلَبٍۢ يَنقَلِبُونَ} (2) (3).
إقبال وإدبار
قال إبراهيم:
إن بينكم وبين القوم (1) بعداً. أقبلت عليهم الدنيا ففروا منها، وأدبرت عنكم فتبعتموها (2).
اختبار لصحة الزهد
قال إبراهيم:
من ادعى الزهد في الدنيا، ثم غضب ممن ينقصه عند أهلها، فهو كاذب في دعواه (3).
جواب رسالة
قال إبراهيم بن بشار: كتب عمر بن المنهال القرشي إلى إبراهيم بن أدهم: أن عظني عظة أحفظها عنك.
فكتب إليه:
أما بعد:
فإن الحزن على الدنيا طويل، والموت من الإنسان قريب، وللنفس منه في كل وقت نصيب، وللبلى في جسمه دبيب.
فبادر بالعمل قبل أن تنادى بالرحيل، واجتهد في العمل في دار الممر، قبل أن ترحل إلى دار المقر (1).
جهاد الهوى
قال إبراهيم:
أشد الجهاد جهاد الهوى، من منع نفسه هواها فقد استراح من الدنيا وبلائها، وكان محفوظاً ومعافى من أذاها (2).
مرآة التوبة
قال إبراهيم:
إنك كلما أمعنت النظر في مرآة التوبة، بان لك قبح شين المعصية (3).
المراجع
- أي إن ثواب حجك بكل أعماله من طواف وسعي.
- . يساوي في الأجر نومة غاز في سبيل الله، فهو يريد حثه على المشاركة في الرباط والجهاد.
- اسم فاعل من فعل "كدَّ" وهو الشدة في العمل وطلب الكسب. أي أجابه بأن ثواب جهاده كله، إنما يساوي في الأجر نومة إنسان أنهكه التعب من السعي على عياله في طلب الحلال لهم.
- حلية الأولياء 8/ 19.
- أي إن كبر الحلقة وازدحام الناس، يجعل العالم معجباً بنفسه، والعجب سبب من أسباب بطلان العمل. والجميل في هذا الخبر امتثال الإمام الأوزاعي وقبوله للنصيحة.
- تنبيه المغترين ص 93.
- البداية والنهاية 10/ 163.
- حلية الأولياء 8/ 18.
- سورة الشعراء: الآية 227.
- الزهد الكبير للبيهقي ص 224 رقم الأثر 582.
- المقصود بهم الصحابة بالنسبة للمخاطبين.
- تنبيه المغترين ص 81.
- تنبيه المغترين ص 77.
- حلية الأولياء 8/ 17.
- حلية الأولياء 8/ 18.
- البداية والنهاية 10/ 161.