لا تغتر بالعارية
لا تغتر بالعارية
قال أبو محمد:
ويحك! تعمل عمل أهل النار، وترجو الجنان، فأنت طامع في غير موضع الطمع.
لا تغتر بالعارية وتظنها لك، عن قريب تؤخذ منك.
الحق عز وجل قد أعارك الحياة حتى تطيعه فيها، حسبتها لك وعملت فيها ما أردت.
وكذلك العافية عارية عندك.
وكذلك الغني عارية عندك.
وكذلك الأمن والجاه وجميع ما عندك من النعم عارية عندك.
لا تفرط في هذه العواري، فإنك تطالب بها وتُسأل عنها وعن كل شيء منها.
جميع ما عندكم من النعم، من الله عز وجل، فاستعينوا بها على الطاعة. [77- 78]
لا تغتر بطاعتك
قال أبو محمد:
يا غلام! لا تغتر بطاعتك وتعجب بها، واسأل الحق سبحانه وتعالى قبولها.
واحذر وخف أن ينقلك إلى غيرها.
ومن عرف الله عز وجل لا يقف مع شيء، ولا يغتر بشيء، لا يأمن حتى يخرج من الدنيا على سلامة دينه وحفظ ما بينه وبين الله عز وجل.
يا غلام! لا تغتر بعمل، فإن الأعمال بخواتمها. عليك بسؤال الحق عز وجل أن يصلح خاتمتك ويقبضك على أحب الأعمال إليه. [79- 82]
جهادان
قال أبو محمد:
قد أخبرك الله عز وجل بجهادين: ظاهر وباطن.
فالباطن:
جهاد النفس والهوى والطبع والشيطان.
والتوبة عن المعاصي والزلات، والثبات عليها.
وترك الشهوات المحرمات.
والظاهر:
جهاد الكفار المعاندين له، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ومقاساة سيوفهم ورماحهم وسهامهم، يَقتلون ويُقتلون.
فالجهاد الباطن أصعب من الجهاد الظاهر، وهو قطع مألوفات النفس من المحرمات وهجرانها، وامتثال أوامر الشرع والانتهاء عن نهيه.
فمن امتثل أمر الله عز وجل في الجهادين حصلت له المجازاة دنيا وآخرة.
الجراحات في جسد الشهيد كالفصد في يد أحدكم لا لم لها عنده.
والموت في حق المجاهد لنفسه التائب من ذنوبه كشرب العطشان للماء البارد. [83]
عظ نفسك
قال أبو محمد:
يا غلام! عظ نفسك أولاً، ثم عظ نفس غيرك.
عليك بخويصة نفسك.
لا تتعد إلى غيرك وقد بقي عندك بقية تحتاج إلى إصلاحها.
ويحك! أنت تعرف كيف تخلص غيرك؟
أنت أعمى، كيف تقود غيرك؟
إنما يقود الناس البصيرً، إنما يخلصهم من البحر السابح المحمود.
إنما يرد الناس إلى الله من عرفه، أما من جهله كيف يدل عليه؟ [11]