وجوب إفراد الله بالعبادة (الجزء الثاني )
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد، فاعلموا رحمكم الله أن أكثر العبادات التي شَرَّك الناس فيها بين الله وبين خلقه هي عبادة الدعاء، وقد جاء التأكيد في القرآن والسنة على أهمية إخلاص الدعاء لله، والنهي عن صرفه لغيره، ومن ذلك قوله تعالى }ادعوا ربكم تضرعا وخفية{، وقوله }أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض{، وقوله }وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان{، وقوله تعالى }واسألوا الله من فضله{.
وقد جاء تقرير إفراد الله بالدعاء في نحو ثلاثمائة موضع منوعٍ في القرآن بصيغ متعددة، فالإخلاص الإخلاص في الدعاء يا عباد الله تفلحوا.
وقال r : منْ مات وهو يدعُو من دون الله نداً دخلَ النار.
وفي الصحيحين عن النبي r أنه سُئِل: أيُّ الذَّنبِ أعظمُ عندَ الله؟
قال: أن تجعلَ للَّهِ ندًّا وهوَ خَلَقَكَ. والنِّد هو النظير والمثيل.
فكلُّ من دعا غير الله أو استغاث به أو نذر له أو ذبح له أو صرف له شيئا من العبادة فقد اتخذه ندا لله، سواء كان نبياً أو ولياً أو ملكاً أو جنياً أو صنماً أو غير ذلك من المخلوقات.
وقد وصف الله دعاء غيرِه بأنه باطل في موضعين من القرآن؛ الموضع الأول قوله تعالى في سورة الحجذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل.
والموضع الثاني قوله تعالى في سورة لقمان ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل.
أيها المسلمون، والشرك في الدعاء واقع في القديم والحديث، سواء بين المشركين الأصليين، كالنصارى الذين يدعون المسيح، أو أتباع الأديان الهندية الذين يدعون البقر، ويدعون تماثيلهم المجسمة والمنحوتة، وغيرهم كثير.
كما أن الشرك في الدعاء واقع بين بعض الطوائف المنتسبة للإسلام، كغلاة الصوفية الذي يدعون شيوخهم، ويتبركون بهم، وكالرافضة الذين يدعون آل البيت، وكالقبوريين الذين يدعون أصحاب القبور، وهم مع هذا الشرك يزعمون أنهم مسلمون، محبون للنبي صلى الله عليه وسلم، والإسلام من شركهم براء، نعوذ بالله من عمى البصائر، ونسأل الله أن يديم علينا نعمة التوحيد والسنة.
ثم اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم فقال
(إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم عليه السلام، وفيه قُبِــــض، وفيه النفخة ، وفيه الصَّعقة ، فأكثروا عليَّ من الصلاة، فإن صلاتكم معروضة علي) ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هداة مهتدين. اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم كتابك، وإعزاز دينك، واجعلهم رحمة على رعاياهم.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بشر فاشغَله في نفسه، ورد كيده في نحره. اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا، والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين. اللهم ارفع عنا الوباء إنا مسلمون. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
أعد الخطبة: ماجد بن سليمان الرسي، في التاسع من شهر جمادى الآخرة لعام 1442، في مدينة الجبيل، في المملكة العربية السعودية، واتس: 00966505906761