هل المسيح رب ؟!
الْحَمدُ للهِ ربِّ الْعَالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى أَشْرفِ الأَنْبياءِ والْمُرْسَلين.
أمَّا بَعْدُ:
فَكَان النَّاسُ في فِلَسْطينَ يَنْظُرون للْمَسِيح ابنِ مَرْيمَ قَبْلَ أنْ يَبدأَ دَعْوتَه عَلَى أنَّه إنْسانٌ مِثْلُهم، ولَمَّا بَدأَ دَعْوتَه لِقَومِه الْيَهُود انْقَسَمُوا إلى قِسْمينِ:
الأَوَّل: قَومٌ صَدَّقُوه وآمَنُوا بِرِسَالَته، وأنَّه نَبيٌّ بَشرٌ مُرسَلٌ مِنَ اللهِ إِلَيْهمْ.
والقِسْمُ الثَّاني: كذَّبُوه ولمْ يُؤمِنوا بِه، واتَّهَمُوه بِأَنَّه مُدَّعٍ للنُّبُوَّة.
وبَعْدَ رَفْع الْمَسِيح إلى السَّماءِ بِسَنَواتٍ قَلِيلَة جَاءَ بُولِس، فَادَّعى أنَّ الْمَسِيح إلـٰهٌ وأنَّه ابنُ اللهِ، وأنَّه الرَّبُّ وابنُ الرَّبِ، فَنَشَأ قِسْمٌ ثَالثٌ يُضَاف إلى الْقِسْمينِ الآنِف ذِكْرُهما.
والْجَوابُ عنْ هَذِه الْمَقُولة (مَقُولَة: إنَّ الْمَسِيحَ إلـٰهٌ وابنُ الإلـٰهِ، وأنَّه الرَّبُّ وابنُ الرَّبِّ) مِنْ ثَلاثِينَ وَجْهًا، إحْدَى عَشْرَ مِنْهَا نَقْليَّةٌ (أي: مَنْقُولة مِنَ الْعَهد الْقَدِيم والْجَدِيد)، وسِتَّةَ عَشَرَ عَقْليَّةٌ (أي: مَعْلومة بِالْعَقلِ والْمَنْطِقِ والتَّفْكِير الصَّحِيح)، واثْنَتَانِ مِنْهَا تَارِيخِيَّة (أي أنَّ هُنَاك شَاهِدَينِ مِنَ التَّارِيخ يَدُلَّانِ عَلى أنَّ هَذِه الْعَقِيدة مِنَ اخْتِرَاع الْبَشَر، لَيْسَتْ مِن عِنْدِ ربِّ الْبَشَر وهُو اللهُ، ولمْ يَعْلَمْ بِهَا الْمَسِيحُ لَمَّا كَانَ عَلى الأَرْضِ)، والدَّلِيلُ الأَخِيرُ الْخَاتِمي هُو الدَّليلُ القُرْآنيُّ عَلَى أنَّ الْمَسِيحَ بَشَرٌ رَسُولٌ، لَيْسَ ربًّا ولا ابْنَ الرَّبِ، ولا إلـٰهًا ولا ابْنَ الإلـٰهِ.
وقَدْ قَسَّمتُ هَذَا الْبَحْثَ الْمُبَاركَ إلى خَمْسَة فُصُولٍ بِحَسَبِ أنْواع هَذِه الأَدِلَّة، فَقُلتُ:
` الْفَصْل الأَوَّل: الأَدِلَّة النَّقْلِيَّة.
` الفَصْل الثَّاني: الأَدِلَّة الْعَقْليَّة.
` الفَصْل الثَّالث: الأَدِلَّة التَّارِيخيَّة.
` الفَصْل الرَّابع: الأَدِلَّة الْقُرْآنيَّة. الْفَصْل الخَامِس: مُلْحقٌ فِيه فَوائدُ عَامَّةٌ.