الركن الأول : الإيمان بالله


أبو الحسن هشام المحجوبي و فضل الله كسكس


الركن الأول: الإيمان بالله:

الإيمان بالله هو التصديق الجازم بوجوده والالتزام التام بتوحيده؛ فقد دل الشرع والعقل على وجوده سبحانه وتعالى دلالة قطعية لا شك فيها؛ قال تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" ويكفي الإنسان برهاناً على وجود خالقه أن لكل صِنعة صانعاً ولكل مخلوقٍ خالقاً؛ سئل أعرابيّ عن دليل وجود الله فقال: "ألا يدل السير على المسير والبعرة على البعير، فسماء ذات بروج وأرض ذات فجاج وبحر ذو أمواج، ألا يدل ذلك على اللطيف الخبير" وأما التوحيد فهو أعظم أصل في الإسلام باعتباره حق الله على العباد؛ قال الله تعالى: "ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه" وهو شرط دخول الجنة. قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا إله إلاّ الله مفتاح الجنة".

وقد دعا له الأنبياء وجاهدوا وأفنوا أعمارهم لتحقيقه في الأرض. قال سبحانه: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" أي دعوا إلى إفراد الله بالعبادة واجتناب عبادة غيره. ويعني توحيده [ يعني التوحيد في اللغة الإفراد. أقول وحدت ربي في العبادة، أي إذا أفردته بها ] إفرادَه سبحانه وتعالى بالربوبية والألوهية والنعوتية.

إن توحيد الله لا يتحقق إلا إذا قام على التصديق بأن الله هو الربٌّ والإلهُ الذي لا شريك له ولا مثيل. لقد أكد كل من كتاب الله وسنة رسوله على حقيقة التوحيد في صيغ متعددة. فمن ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)﴾ . [ سورة الإخلاص ].

وقوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ . [ البقرة/163].

وقوله: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [ المائدة/73 ].

وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: " إِنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيه أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى..." [ أخرجه البخاري "1458" في الزكاة: باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة، ومسلم "19" "31" في الإيمان: باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، وابن منده في "الإيمان" "214"، والطبراني في "الكبير" "12207" ] .

وفي صحيح مسلم (16) عن ابن عمر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ" [ أخرجه الإمام مسلم في الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس، رقم الحديث:19 ].

إنه ولما لتوحيد الله من أهمية بالغة فقد حرص علماء الإسلام على تبيان الأصول التي يقوم عليها وما يقتضيه الإيمان بكل واحد منها.



السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الركن الأول : الإيمان بالله

  • الركن الأول الإيمان بالله تعالى

    د. فخر الدين بن الزبير المحسي

    هو الإيمان بوجود الله تعالى، وأنه سبحانه لا تدركه الأبصار، ولا يحيط  به الخلق علماً، وأن أدلة وجوده قطعية،

    09/05/2022 1248
  • الركن الخامس من أركان الإيمان

    مهجة ثابت محمد حكمي

    الإيمان باليوم الآخر هو الركن الخامس من أركان الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه،

    11/10/2019 1658
  • أولاً الإيمان

    د. فخر الدين بن الزبير المحسي

    هو التصديق والإقرار بالله تعالى، وبما أخبر عنه والعمل بمقتضاه.ويشتمل: اعتقاد القلب، وقول اللسان، وعمل

    08/05/2022 1499
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day