التَّحْرِيف الْكَنَائِسي الثَّانِي
التَّحْرِيف الْكَنَائِسي الثَّانِي لِدِينِ الْمَسِيح بَعْد اعْتِنَاق الإِمْبَراطُور ثيودوسيوس الأوَّل للْمَسِيحيَّة وحُصُول الامْتِزَاج بَيْنَ الْمَسِيحيَّة والرُّومَانِيَّة
في سَنة 380م كَانَ عَهْد الإِمْبراطُور ثيودوسيوس الأوَّل، الَّذِي اعْتَنقَ الْمَسِيحيَّة، فَاعْتَنقتِ الإِمْبَراطُوريَّة الرُّومَانِيَّة الدِّيَانة الْمَسِيحيَّة رَسْميَّا بِثَوبِهَا الْجَدِيد الَّذِي فَصَّله بُولِس وثـبَّـته قُسْطَنطين، فَانْفَتح الْبَاب عَلى مِصْرَاعَيه أَمَام الشُّعوب الْوثَنِيَّة التَّابِعة للإِمْبراطُوريَّة الرُّومَانِيَّة للدُّخُول في الْمَسِيحيَّة، مَعَ أَنَّهُم ليِسُوا مِن بَني إسْرَائِيل الَّذِين كَانت رِسَالةُ الْمَسِيح الأَصْلِيَّة مُوجَّهةً إِلَيْهِم، وقَدْ تَقَدَّم بَيانُ ذَلك، فَدَخَلُوا أَفْواجًا، طَواعِيةً أوْ بِرغْم أُنُوفِهم، فَلَيْس هُنَاك خِيارٌ ثانٍ أَمَام سَيف الإِمْبرَاطُور إلَّا الدُّخُول في الْمَسِيحيَّة، فَدَخَلتْ تِلْكَ الْمَلايين بعِقَائِدهمْ وشَعَائِرهمْ وتَقَالِيدهمْ (كعِبَادَة الصُّور والتَّمَاثِيل وغَيْرِها) وطُقُوسِهم للدِّيَانَة الْمَسِيحيَّة، فَزَادَ الطِّينُ بِلَّةً، وانْفَتَح التَّحْرِيف لِدِين الْمَسِيح عَلى مِصْرَاعَيه، وحَصَلَ الْمَزِيد مِنَ الامْتِزَاج بَينَ الْمَسِيحيَّة وعَقَائِد الرُّومَان الْوثَنِيينَ، وهَذِه هِي الطَّامَّة الرابعة عَلى دِين الْمَسِيح بَعْد طَامَّة تحريف بُولِس له (الطامة الأولى)، ثم طَامَّة تثبيت قُسْطَنطين لتحريف بولس في القانون المسيحي (الطامة الثانية)، ثم طامة دخول قُسطنطين نفسه في المسيحية وفرضها على المجتمع الروماني بالقوة (الطامة الثالثة).