التَّحْريفُ الكَنَائِسي الثَّالثُ
التَّحْريفُ الكَنَائِسي الثَّالثُ
في عَهْدِ الِإمْبَراطُور ثيودوسيوس الأوَّل حَصَلت طَامَّةٌ جَدِيدةٌ خامسةٌ على دِينِ الْمَسِيح، فَزَادَ تَشْويهًا إِلى تَشْويهِه، فَقَدْ حَصَلتْ خِلافَاتٌ عَقَائديَّةٌ
جَديدةٌ حَوْلَ مَاهِيَّة الرُّوح القُدُس، وعلاقَتُه بالآبِ والابْنِ، وقَدْ كَانَ النَّاسُ إِلى ذَلِك الزَّمَان يَعْتَقِدُون بِإِلـٰهَينِ اثْنَينِ، وهُمَا: الآبُ، والابنُ
(الله والمسيح بحسب اعتقادهم)، فَلَمَّا حَصَلت الِخلافَات الْمُشَار إِلَيْهَا حَوْلَ الرُّوح القُدُس ومَاهِيَّته قَامَ الإِمْبرَاطُور ثيودوسيوس الأوَّل
بِجَمْع مِائةٍ وخَمْسِين رَجُلًا مِنْ كِبَار رِجَالاتِ الدِّين الْمَسِيحيِّ، مَا بَينَ كَارْدِينال وبَطْريرك وأُسْقُف، وجَمَعَهم في مَجْمَع الْقُسْطَنطينيَّة الأوَّل،
وكَانَ ذَلِك في سَنَة 381م، وهُو الْمَجْمَع الثَّاني بَعْد مَجْمَع نِيقْية، وأَمَرَهُم بِالتَّشَاوُر لِحَلِّ الْخِلافَات الْجَدِيدَة، فَخَرَجُوا بِعَقِيدَةٍ جَدِيدةٍ وهِي عَقِيدَة
التَّثْلِيث، وهِي اعْتِقَادُ أنَّ الآلهة عِبَارةٌ عَنْ ثَلاثةِ أَقَانِيمَ، وهِي أُقْنوم الآبِ، وأُقْنُوم الابنِ، وأُقْنُوم الرُّوحِ القُدُس. وبِعِبَارةٍ مُخْتَصرةٍ فَقَد تَحوَّل دِينُ
الْمَسِيح الصَّافي الدَّاعِي إلى التَّوحِيد (تَوْحِيد الْعِبادَة للهِ) إِلى التَّثْلِيث، وهُو اعْتِقَادُ أنَّ الآلِهَة ثَلاثةُ أقَانِيمَ، وشَتَّانَ مَا بَيْنَ هـٰذَينِ الاعْتَقَادَينِ.