أقوال السلف في اسم الله (العفو)
أولًا: أقوال بعض الصحابة والتابعين في اسم الله (العفو):
1- قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (عفوًّا قَدِيراً) متجاوزًا للمظلوم، قديرًا بعقوبة الظَّالِم. [تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ص 84]
2- قال علي – رضي الله عنه -: من أذنب ذنباً فستره الله عليه في الدنيا فالله أكرم من أن يكشف ستره في الآخرة ومن أذنب ذنباً فعوقب عليه في الدنيا فالله تعالى أعدل من أن يثني عقوبته على عبده في الآخرة. [إحياء علوم الدين للغزالي، 4/152].
3- قال بعض السلف: المؤمن إذا عصى الله تعالى ستره عن أبصار الملائكة كيلا تراه فتشهد عليه. [المرجع السابق].
4- قال بعض السلف: الدُّنْيَا إما عصمة الله أو الهلكة، والآخرة إمَّا عفو الله أو النار. [مجموع رسائل ابن رجب، للحافظ بن رجب الحنبلي، 1/145].
5- قال العتبي: من شريف كلام بعض السلف: لا تذكرن لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم زلة، فإنه إن لم يكن في حسناتهم ما يعفى على سيئاتهم، ففي عظيم عفو الله ما يسع سيئاتهم. [البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي، 2/217].
6- وعن سعيد بن المسيب قال: ما من شيء إلا والله يحب أن يعفى عنه، ما لم يكن حدًّا. [إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة، لابن حجر العسقلاني، 19/13].
و قال: نزلت هذه الآية: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لولا عفو الله وتجاوزه، ما هنأ أحداً العيش، ولولا وعيده وعقابه، لاتكل كل أحد ".
7- عن أبو عبد الله، شيخ من أصحاب ابن سريج كتبت عنه الحديث، قال: قال لنا ابن سريج يومًا: أحسب أن المنية قربت. قلنا: وكيف؟ قال: رأيت البارحة كأن القيامة قد قامت، والناس قد حشروا، وكأنّ مناديًا يناديّ بصوتٍ عظيم: بِمَ أجبتم المرسَلين؟ فقلت: بالإيمان والتّصديق. فقيل: ما سئلتم عن الأقوال، بل سُئلتم عن الأعمال. فقلت: أما الكبائر فقد اجتنبناها، وأما الصغائر فعوّلنا فيها على عفْو الله ورحمته.
قال: فانتبهت. فقلنا له: ما في هذا ما يوجب سرعة الموت. فقال: أما سمعتم قوله تعالي: " {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} "؟ قال: فمات بعد ثمانية عشر يومًا، رحمه الله. [تاريخ الإسلام للذهبي، 7/99].
ثانيًا: أقوال بعض المفسرين في تفسير اسم الله (العفو):
1- قال الطبري: {عفوًّا}: لم يزل ذا عفوٍ عن خلقه، يصفح عمن عصَاه وخالف أمره، ويعفو له أن يعاقبه على سيئاته من الأعمال، وهي معاصيه التي تاب منها. [تفسير الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)،9/351، 21/533].
2- قال البغوي: {يعفو}: أي إذا تابوا فلا يؤاخذهم بها. [معالم التنزيل في تفسير القرآن - تفسير البغوي، محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)، 4/145].
3- قال فخر الدين الرازي: {يعفو}: ويعفوا عن السيئات إما أن يكون المراد منه أن يعفو/ عن الكبائر بعد الإتيان بالتوبة، أو المراد منه أنه يعفو عن الصغائر، أو المراد منه أنه يعفو عن الكبائر قبل التوبة، والأول باطل وإلا لصار قوله ويعفوا عن السيئات عين قوله وهو الذي يقبل التوبة والتكرار خلاف الأصل، والثاني أيضا باطل لأن ذلك واجب وأداء الواجب لا يتمدح به فبقي القسم الثالث فيكون المعنى أنه تارة يعفو بواسطة قبول التوبة وتارة يعفو ابتداء من غير توبة. [مفاتيح الغيب - التفسير الكبير، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ)، 27/597].
4- قال البيضاوي: {يعفو}: ويعفوا عن السيئات صغيرها وكبيرها لمن يشاء. [أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (المتوفى: 685هـ)، 5/81].
5- قال النسفي: {يعفو}: يعفو لمن يشاء بلا توبة. [تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل)، أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين النسفي (المتوفى: 710هـ)، 3/254].
6- قال ابن كثير: {يعفو}: يعفو عن السيئات في الماضي. [تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، 7/205].
7- قال الآلوسي: {يعفو}: العفو عن سيئاتهم بمحض رحمته أو بشفاعة شافع، وقال المعتزلة: أي يعفو عن الكبائر إذا تيب عنها وعن الصغائر إذا اجتنبت الكبائر فالعفو عن السيئات عليه أعم من قبول التوبة لشموله الصغائر إذا اجتنبت الكبائر وهو تعميم بعد تخصيص، والظاهر مع أهل السنة إذ لا دلالة في النظم الجليل على تخصيص السيئات نعم المراد بها غير الشرك بالإجماع. [تفسير الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ) 13/37].
ثالثًا: أقوال بعض أهل العقيدة في صفة العفو:
1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قال الله تعالى:
{إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}
ففي هذه الآيات أثبت الله لنفسه صفة العفو فنحن نثبتها لله على الوجه اللائق به تعالى لا يشبه في ذلك شيئاً من خلقه. [شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية في ضوء الكتاب والسُّنَّة د.سعيد القحطاني، ص 24].
2- قال ابن القيم: العفو من صفات الفعل القائمة به، فاقتران العفو بالقدرة كاقتران الحلم والرحمة بالعلم لأن العفو إنما يحسن عند القدرة، وإذا كان يحب الشكر فهو أولى أن يتصف به، كما أنه سبحانه وتر، يحب الوتر، جميل يحب الجمال، محسن يحب المحسنين، صبور يحب الصابرين، عفو يحب العفو. [شفاء العليل ص 272، بدائع الفوائد 1/80، مدارج السالكين 3/109].