الشبَهات في اسم الله (الرحمن) والإلحاد في صفة الرحمة


فريق عمل الموقع

الشبهة الأولى:

قال أبو حامد الغزالي وهو يجيب على تساؤل يراود الكثيرين:

" ولعلك تقول: ما معنى كونه تعالى رحيمًا، وكونه تعالى أرحم الراحمين، والرحيم لا يرى مبتلى ولا مضرورًا ومعذبًا ومريضًا وهو يقدر على إماطة ما بهم إلا ويبادر إلى إماطته، والرب قادر على كفاية كل بلية، ودفع كل فقر، وإماطة كل مرض، وإزالة كل ضرر، والدنيا طافحة بالأمراض والمحن والبلايا، وهو قادر على إزالة جميعها، وتارك عباده ممتحنين بالرزايا والمحن!

الرد عليها:

فجوابك: أن الطفل الصغير قد ترق له أمه فتمنعه من الحجامة، والأب العاقل يحمله عليها قهرًا، والجاهل يظن أن الرحيم هي الأم دون الأب، والعاقل يعلم أن إيلام الأب إياه بالحجامة من كمال رحمته وعطفه وتمام شفقته، وأن الأم عدو في صورة صديق، وأن الألم القليل إذا كان سببا للذة الكثيرة لم يكن شرًا، بل كان خيرًا.

والرحيم يريد الخير للمرحوم لا محالة، وليس في الوجود شر إلا وفي ضمنه خير، لو رفع ذلك الشر لبطل الخير الذي في ضمنه، وحصل ببطلانه شر أعظم من الشر الذي يتضمنه، فاليد المتآكلة قطعها شر في الظاهر، وفي ضمنها خير جزيل، وهو سلامة البدن، ولو ترك قطع اليد لحصل هلاك البدن ولكان الشر أعظم، وقطع اليد لأجل سلامة البدن شر في ضمنه خير ".

ولذا فرقوا بين الرأفة والرحمة، فإن الرحمة قد تكون مؤلمة في الحال ومعها الكراهية، لكن تعقبها اللذة وتصب في مصلحة العبد، ولذا قال سبحانه في حد الزنا:

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]

، فلم يقل رحمة لأن صفة الرحمة إذا أحاطت بالمخلوق لم يلحقه أذى ولا مكروه، وسبب أن الحد رحمة أن إقامته في الدنيا تصرف عن العبد عذاب الآخرة.

الشبهة الثانية:

يقول المسيء المغرور: إن ربنا غفور رحيم.

الرد عليها: 

على أمثال هؤلاء رد ابن الجوزي، فقال: " العاصي يقول ربي رحيم وينسى أنه شديد العقاب، ولو علم أن رحمته ليست رقة – إذ لو كانت كذلك لما ذبح عصفورًا ولا آلم طفلًا – وعقابه غير مأمون – فإنه شرع قطع اليد الشريفة بسرقة خمسة قراريط ".

والمؤمن ليس أعور البصيرة، فلا ينظر بعين واحدة إلى جانب الرحمة دون العذاب.

(ينظر: هنيئًا لمن عرف ربه – أسماء الجمال – د/ خالد أبو شادي، ص 22- 23)

الشبهة الثالثة: 

لو كان الله رحمن إذن لماذا خلق شئ شرير مثل جهنم التى سيجعلها العقاب الأبدى لغير المؤمنين؟ 

الرد عليها: 

خلق النار لا يناقض رحمة الله سبحانه وتعالى التي وسعت كل شيء، بل من الرحمة أخذ الحق لصاحبه، ونصر المظلوم المنكسر الضعيف من ظالمه، وإعطاء كل ذي حق حقه، فهذا غاية الرحمة.

فلا تناقض بين رحمته وخلقه للنار؛ إذ بها يرحم المظلوم ويأخذ حقَّه، وبها يرحم عباده فيخوّفهم ويجنّبهم المعاصي والذنوب، ويقربهم منه سبحانه ليدخلهم جنته.

الشبهة الرابعة:

الرحمة ضعف وخور في الطبيعة، وتألم على المرحوم، فهي مقترنة بالضعف،  كيف يتصف بها الله تعالى؟

الرد عليها:

الرحمة إذا قدر أنها في حقنا ملازمة للحاجة والضعف؛ لم يجب أن تكون في حق الله ملازمة لذلك.

كما أن العلم والقدرة، والسمع والبصر، والكلام فينا يستلزم من النقص والحاجة ما يجب تنزيه الله عنه. وكذلك الوجود و القيام بالنفس فينا يستلزم احتياجا إلى خالق يجعلنا موجودين، والله منزه في وجوده عما يحتاج إليه وجودنا، فنحن وصفاتنا، وأفعالنا مقرونون بالحاجة إلى الغير، والحاجة لنا أمر ذاتي لا يمكن أن نخلو عنه، وهو سبحانه الرحمة له أمر ذاتي لا يمكن أن يخلو عنه.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الشبَهات في اسم الله (الرحمن) والإلحاد في صفة الرحمة

  • الرحمن، الرحيم

    فريق عمل الموقع

    الرحمن، الرحيم قال تعالى: (الحمد لله رب العالمين*الرحمن الرحيم)، اسمان مشتقان من الرحمة وقيل في الفرق بينهما

    14/01/2021 1145
  • الرحمن، الرحيم

    فريق عمل الموقع

    الرحمن، الرحيم قال تعالى: (الحمد لله رب العالمين*الرحمن الرحيم) اسمان مشتقان من الرحمة وقيل في الفرق بينهما

    10/01/2021 1493
  • التعريف باسم الله (الرحمن)

    فريق عمل الموقع

    هو مشتق من الرحمة، والرحمن أشد مبالغة من الرحيم. فالرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين

    10/05/2021 1453
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day