التعبد باسم الله (البارئ)
1- التعبد بحب الله تعالى لأنه برأنا:
فحقيق بمن برأنا أن نحبه غاية الحب وأن نٌذل له غاية التذلل وهذان هما قطبا التعبد لله عز وجل.
2- الإيمان باسم الله البارئ يقتضي الإقرار بعلمه سبحانه بجزئيات خلقه:
فقد قال الله تعالى
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]
3- تعظيم الله تعالى وتكبيره وإجلاله:
وذلك عند معاينة مخلوقاته العظيمة التي برأها فقال عز وجل
{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل: 88]
4- أن يدعوا الله باسمه (البارئ):
فورد عن على الدعاء باسم الله البارئ فعن سَلَامَةُ بْنُ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلَيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُعَلِّمُ النَّاسَ الصَّلَاةَ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ، يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ، وَبَارِيءَ الْمَسْمُوكَاتِ، وَجَبَّارَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَاتِهَا شَقِيِّهَا وَسَعِيدِهَا، اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ، وَنَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ، وَرَافِعَ تَحِيَّتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ، وَالْمَعْلُومِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ، وَالدَّامِغِ جَيْشَاتِ الْأَبَاطِيلِ كَمَا كَمُلَ فَاضْطَلَعَ بِأَمْرِكَ لِطَاعَتِكَ مُسْتَوْفِرًا فِي مَرْضَاتِكَ بِغَيْرِ مُلْكٍ فِي قَدَمٍ، وَلَا وَهَنٍ فِي عَزَمٍ، دَاعِيًا لِوَحْيِكَ، حَافِظًا لِعَهْدِكَ، مَاضِيًا عَلَى نَفَادِ أَمْرِكَ حَتَّى أَوْرَى تَبَسُّمًا لِقَابِسٍ بِهِ هُدِيَتِ الْقُلُوبُ بَعْدَ خَرْصَاتِ الْفِتَنِ وَالْإِثْمِ بِمُوضِحَاتِ الْأَعْلَامِ، وَمَسَرَّاتِ الْإِسْلَامِ وَمَاثَرَاتِ الْأَحْكَامِ، فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ، وَخَازِنُ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ، وَشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ، وَمَبْعُوثُكَ نِعْمَةً، وَرَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً، اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ مُتَفَسَّحًا فِي عَدْلِكَ وَاجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ الْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ، لَهُ مُهَنَّيَاتٌ غَيْرُ مُكَدَّرَاتٍ مِنْ فَوْزِ ثَوَابِكَ الْمَعْلُومِ وَجَزِيلِ عَطَائِكَ الْمَجْلُولِ، اللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ الْبَاقِينَ بِنَاءَهُ، وَأَكْرِمْ مَثْوَاهُ لَدَيْكَ وَنُزُلَهُ، وَأَتْمِمْ لَهُ نُورَهُ وَأَجْرَهُ مِنِ ابْتِعَائِكَ لَهُ، مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ مَرْضِيَّ الْمَقَالَةِ، ذَا مَنْطِقٍ عَدَلٍ، وَكَلَامٍ فَصْلٍ، وَحُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ عَظِيمٍ»
[مرسل، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 9/43 حديث 9089].
5- حظ المؤمن من اسم الله البارئ:
أولاً: المؤمن لا بد أن تكون له دراسة جدوى في حياته بشكل عام، يخطط لحياته ولا يعيشها عبثا. فأول ما يستيقظ من نومه يأخذ بكلام العلماء في القيام بـ: (المشارطة، والمحاسبة، والمعاتبة، والمعاقبة) التي هي مراتب المحاسبة. المشارطة: يخطط ليومه من بدايته، يسجل ما يريد إنجازه في يومه ويحاسب نفسه بعد ذلك. المحاسبة: بعد انتهاء اليوم وقبل أن ينام، يبدأ ينظر في تنفيذ ما اشترطه على نفسه ويحاسبها فإن وجدها قصرت تأتي مرحلة المعاتبة: يعاتب نفسه على تقصيرها ويذكرها بالموت والآخرة وأن العمر رأس ماله. المعاقبة: ثم يعاقب نفسه بأن يحرمها من نزهة مع الأصدقاء، أو يحرما من شراء شيء تحبه..يعاقبها فيما تحب. وهكذا في كل يوم فيصل مع الوقت إلى إحكام نفسه وتأييدها.
ثانيـا: برأ الشيء بمعنى تخلص ومنها يسعى المؤمن في تنزيه نفسه من العيوب والنقائص والآفات، وهي التزكية وسوف نفصل فيها لاحقا إن شاء الله.
ثالـثا: الإعذار: المؤمن لكي يُعذر عند الله عز و جل عليه تلَمُّس الأعذار لغيره.
رابعـا: البري بمعنى التراب، فتشير لمعنى الذل والانكسار فأي مخلوق من تراب هذا الذي يتكبر وعلامَ؟
خامسـا: تحقيق مبدأ الولاء والبراء: يبرأ فيها معنى البراءة أنه يبرأ من أشياء ويُوالي أشياء، والولاء والبراء يتحقق في عدة معاني منها: أولا أن يبرأ إلى الله عز وجل من كل دين يخالف دين الإسلام. ويبرأ في خاصة نفسه من كل شهوة تخالف أمر ربه. ويبرأ من كل شبهة تخالف النص الذى ورد عن الله سبحانه وتعالى وعن رسوله. يبرأ من كل ولاء لغيرِ دين الله وشرعه ومن كل بدعة تخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم يبرأ من كل معصية تؤثر على محبته لربه وقربه منه.
سادسـا: إذا كان الله عز وجل برأ الخلق وأوجدهم على هذه الصورة المبدعة المذهلة التي ليس لها مثال سابق فحقها الإتقان فيما تستطيع إتقانه. أخبرنا النبي كما روى ذلك الطبراني الأوسط وصححه الألباني في الصحيح: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» (صححه الألباني)، فالدقة في الصنعة هذا من شيم المؤمنين وبها يتلبس العبد باسم الله البارئ.