دعوة المظلوم مستجابة
ثبت أن دعوة المظلوم مستجابة. كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ) رواه أبو داود (1536) والترمذي (1905)، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".
لكن القرائن تدل على أن المقصد من هذا: وهو كفّ الناس عن التظالم، كما يشير إلى هذا حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: (اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ) رواه البخاري (2448)، ومسلم (19).
وكحديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاوَاتِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ) رواه أحمد في "المسند" (13 / 410) والترمذي (3598)، وقال "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ" وصححه محققو المسند بشواهده، وحسّن الألباني فقرة المظلوم بشواهدها في "السلسلة الصحيحة" (2 / 527 – 528).
وهذا كله مما يدل على أن المقصود بدعاء المظلوم المستجاب هو الدعاء على الظالم، لا له.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
"أما دعوة المظلوم فمعناها إذا ظلمك أحد... فإذا دعوت الله عليه استجاب الله دعاءك، حتى ولو كان المظلوم كافرا، وظلمته، ثم دعا الله عليك، استجاب الله دعاءه، لا حبا للكافر، ولكن حبا للعدل، لأن الله حكم عدل، والمظلوم لابد أن ينصف له من الظالم، ولهذا لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
فالمظلوم دعوته مستجابة إذا دعا على ظالمه بمثل ما ظلمه، أو أقل، أما إن تجاوز فإنه يكون معتديا فلا يستجاب له." انتهى من"شرح رياض الصالحين" (4 / 615 – 616).