الظاهر - الباطن
الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: ٣].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ) رواه مسلم.
المعنى:
بيّنَ النبيُ صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق معنى اسم الله الظاهر بأنه سبحانه الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، فالظاهر يشير إلى علو الله تعالى، وأن جميع الخلق تحته، والباطن يشير إلى قربه، فهو العليم الخبير بكل شيء، فما من ظاهرٍ إلا والله تعالى فوقه، وما من باطنٍ إلا والله تعالى دونه.
وقيل بأن معنى اسم الله الباطن: المحتجب عن الأبصار، فهو سبحانه لا يُرى في الدنيا، كما قال تعالى: ﴿ لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: ١٠٣].
فهذان الاسمان العظيمان يدلان على إحاطة الله تعالى بخلقه، وأنه ما من مخلوق إلا والله تعالى محيطٌ به إحاطة شاملة، فما من ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، لا تغيب عنه شاردة ولا واردة، ولا تخفى عليه سرٌ ولا علانية، فالله تعالى مع علوه فهو محيط بخلقه، قريب منهم، عليم بهم.
وهذان الاسمان بالإضافة إلى اسمي الأوّل والآخِر يدلان على إحاطة الله تعالى التامة بجميع خلقه، فالأوّل والآخِر يدلان على الإحاطة الزمانية، والظاهر والباطن يدلان على الإحاطة المكانية، قال تعالى: ﴿ وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا ﴾ [النساء: ١٢٦].
مقتضى اسمي الله (الظاهر، الباطن) وأثرهما:
هذان الاسمان الجليلان يقتضيان معرفة العبد بأن الله تعالى مع علوه المطلق فإنه قريب منهم، بل لا شيء أقرب من العبد من ربه، فهو الظاهر وهو الباطن، فكان جديراً بالمسلم أن يستشعر عظمة ربه في علوه وقربه، فيسأله لأنه لا أحد أعلى منه، ولا أحد أقرب منه، ولا تعارض بين علوّ الله وقُرْبه، فهو المحيط بعباده إحاطة شاملة لا تدركها العقول ولا الفهوم، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: ١١].