حُسنُ الخاتمة


صالح أحمد الشامي

قال الله تعالى:

{ْيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا ٱتَّقُوا ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

تطلب الآية الكريمة من كل مسلم أمرين:

* تقوى الله حق تقاته.

* والموت على الإسلام. 

والتقوى في اللغة: بمعنى الاتقاء، وهو اتخاذ الوقاية.

وهي: الاحتراز بطاعة الله عن عقوبته، وصيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل أو ترك.

والتقوى في الطاعة: يراد بها الترك والحذر.

هذا ما جاء في "تعريفات" الجرجاني.

وجاء في "الرسالة القشيرية": التقوى جماع الخبرات، وحقيقة الاتقاء: التحرز بطاعة الله من عقوبته.

قال: وأصل التقوى: اتقاء الشرك، ثم بعد ذلك: اتقاء المعاصي والسيئات، ثم بعد ذلك، اتقاء الشبهات، ثم بعد ذلك: ترك الفضلات.

وخلاصة هذه الأقوال: أنها فعل الطاعات واجتناب المعاصي.

ولذلك كانت "التقوى" هي مقياس الكرامة عند الله تعالى، كما قال سبحانه: 

{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَٰكُمْ} [الحجرات: 13].

وقوله تعالى: 

{ٱتَّقُوا ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]. 

قال ابن مسعود رضي الله عنه: أن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر.

ومعنى {ٱتَّقُوا ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} أي كما ينبغي ان يتقي.. وهذا مقام عال.

جاء في الظلال: "اتقول الله - كما يحق له أن يتقي - وهي هكذا بدون تحديد، تدع القلب مجتهداً في بلوغها كما يتصورها وكما يطيقها".

2) وأما قوله تعالى: 

{وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} 

فقال الإمام ابن كثير: "أي حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم - سبحانه - قد أجرى عادته بكرمه: أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شي، بعث عليه".

وجاء في "الظلال": "والموت غيب لا يدري الإنسان متى يدركه، فمن أراد ألا يموت إلا مسلماً، فسبيله منذ اللحظة أن يكون مسلماً، وأن يكون في كل لحظة مسلماً".

أحل، بما أن أجل الإنسان مغيب عنه، ولا يدري متى يكون، فعليه أن يكون مسلماً في كل وقت حتى إذا جاء أجله كان كما أراده الله أن يكون.

والذي يبدو - والله أعلم - أن الفقرتين في الآية الكريمة تؤكدان على معنى واحد وتؤديان إلى غاية واحدة.

فالالتزام بالفقرة الأولى {ٱتَّقُوا ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} تؤدي بإذن الله تعالى إلى تحقيق الثانية، فمن أتقى الله في حياته، كما ينبغي له - سبحانه - أن يُتقى، وداوم على ذلك، فإنه عندما يأتيه أجله فسيجده مسلماً، وتكون نهايته كما طلبت منه الآية الكريمة.

والخلاصة: أن المطلوب أمران:

- استدامة التقوى في مستواها العالي.

- والموت على الإسلام.

إنها كلمات قليلة ولكنها تستغرق العمل في العمر كله من أجل تنفيذها، والموفق من وفقه الله ويسر له ذلك.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ حُسنُ الخاتمة

  • من وعى قلبه

    د. وفاء علي الحمدان

    من وعىٰ قلبهُ، وتنبه عقلهُ لِسرعة طَيِّ أَيّام الدُّنْيَا، آثرَ حرثَ الأَخرة علىٰ حرث العاجلة، واسْتقامَ علىٰ

    04/09/2019 1315
  • القلب السليم ( الخاتمة )

    البندري العجلان

    الخاتمة القلب السليم لا يصر على المعاصي صغيرها وكبيرها وإن فعل المعصية في لحظة غفلة وسولت له نفسه الأمارة بالسوء

    19/10/2017 3078
  • حسن الخاتمة

    الشيخ صالح أحمد الشامي

    قال الشافعي رحمه الله: من أحب أن يقضى له بالحسنى، فليحسن بالناس الظن (1). المراجعالطبقات الكبرى 1/

    17/01/2021 1262
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day