الاطمئنان بالذكر


صالح أحمد الشامي

قال الله تعالى:

{ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ ٱللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ} [الرعد: 28]

"ترسم الآية الكريمة صورة شفيفة للقلوب المؤمنة، في جو من الطمأنينة والأنس والسلام.

تطمئن بإحساسها بالصلة بالله، والأنس بجواره، والأمن في جانبه وحماه، تطمئن من قلق الوحدة وحيرة الطريق، بإدراك الحكمة في الخلق والمبدأ والمصير، وتطمئن بالشعور بالحماية من كل اعتداء، ومن كل ضر، ومن كل شر إلا بما يشاء مع الرضى بالابتلاء والصبر على البلاء، وتطمئن برحمته في الهداية والرزق والستر في الدنيا والآخرة.

{أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ}

ذلك الاطمئنان بذكر الله في قلوب المؤمنين حقيقة، يعرفها الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم، فاتصلت بالله.

يعرفونها، ولا يملكون بالكلمات أن ينقلوها إلى الآخرين الذين لم يعرفوها، لأنها لا تنقل بالكلمات، إنما تسري في القلب فيستروحها ويهش لها، ويندى بها ويستريح إليها ويستشعر الطمأنينة والسلام.

وليس أشقى على وجه هذه الأرض ممن يحرمون طمأنينة الأنس إلى الله.

وليس أشقى ممن ينطلق في هذه الأرض مبتوت الصلة بما حوله في الكون، لأنه انفصم من العروة الوثقى التي تربطه بما حوله في الله خالق الكون.

ليس أشقى ممن يعيش لا يدري لم جاء؟ ولم يذهب؟ ولم يعاني ما يعاني في الحياة؟

إن هناك للحظات في الحياة لا يصمد لها بشر إلا أن يكون مرتكناً إلى الله مطمئناً إلى حماه، مهما أوتي من القوة والثبات والصلابة.. ففي الحياة لحظات تعصف بهذا كله فلا يصمد لها إلا المطمئنون بالله: 

{أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ}

اللهم اجعل قلوبنا مطمئنة بذكرك.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

"الطمأنينة: سكون القلب إلى الشيء، وعدم اضطرابه وقلقه.

وفي المقصود بـ"ذكر الله" في الآية الكريمة قولان: 

أحدهما: أنه ذكر العبد ربه، فإنه يطمئن إليه قلبه ويسكن، فإذا اضطرب القلب، فليس له ما يطمئن به سوى ذكر الله تعالى.

والثاني: أن ذكر الله ها هنا: القرآن، وهو ذكره الذي أنزله على رسوله، به طمأنينة قلوب المؤمنين.

فإن القلب لا يطمئن إلا بالإيمان واليقين، ولا سبيل إلى حصولهما إلا من القرآن، فإن سكون القلب وطمأنينته من يقينه، واضطرابه وقلقه من شكه، والقرآن هو المحصل لليقين، الدافع للشكوك والظنون والأوهام، فل يطمئن قلوب المؤمنين إلا به، وهذا القول هو المختار"


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الاطمئنان بالذكر

  • الحق

    فريق عمل الموقع

    الحق قال تعالى: (فتعالى الله الملك الحق)، قال ابن الأثير: "(الحق) هو الموجود حقيقة، المتحقق وجوده وألوهيته"، وقال

    14/01/2021 1438
  • البَرّ

    فريق عمل الموقع

    قال تعالى: (إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم) البرُّ هو العطوف على عبادهِ، المحسن إليهم، عَمّ ببرّه جميع

    07/01/2021 1624
  • الانشغال بالذكر عند قراءة القرآن

    موقع الإسلام سؤال وجواب

    إن قصد المسلم سماع القرآن قصدًا ، فإنه لا ينشغل عنه بشي ، هذا هو الأولى في حقه ، وهو من تمام تعظيمه لكلام الله

    30/07/2019 1158
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day