تعظيم الله تعالى في القرآن


أحمد بن عثمان المزيد

ومن وسائلِ تعظيمِ الله تعالى: تدبرُ القرآنِ وتحديقُ النظرِ في سُوَرهِ وآياتِه، فالقرآنُ كلُّه ينطقُ بالتعظيمِ والتمجيدِ والإجلالِ لربِّ العالمينَ حتى قال أحدُ الباحثينَ الغربيينَ ليس هناك كتابٌ حَوَى من التعظيمِ والثناءِ والحمدِ والتقديسِ للهِ تعالى مثلَ ما حواه القرآنُ وهذا يثبتُ أنه من عندِ اللهِ تعالى، لأنه لو كان من افتراءِ محمدٍ لجعلَ محمدٌ لنفسه شيئًا من هذا التعظيمِ الإلهيِّ وهو ما لا نَجِدْه أبدًا في القرآنِ.

فانظرْ كيف يحمدُ اللهُ تعالى نفسه: 

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

[الفاتحة:1]

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾

[الأنعام:1]

وانظر كيف أثبتَ لنفسِه كمالَ العلم: 

﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾

[الأنعام:3]

وانظر كيف أثبتَ لنفسِه القدرةَ التامَّةَ والقهرَ التامَّ: 

﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾

[الأنعام:17-18].

ومع ذلك فهو يثبتُ لنفسِه الرحمةَ: 

﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

[الأنعام:54]

وهكذا لا نجدُ آيةً من القرآنِ إلا وهيَ تدلُّ على عظمةِ اللهِ تعالى بلفظِها ومعناها، ولذلك فقد وصفَ اللهُ تعالى هذا الكتابَ بالعظمةِ فقال: 

﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ﴾

[الحجر:87]. 

وقال سبحانه: 

﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ﴾

[الحشر:21].

فإذا كان هذا حالُ الجبلِ الصخرِ الأصمِّ إذا أُنزلَ عليه القرآنُ فكيف بحالِ الإنسانِ الضعيفِ؟!

وقد وصف اللهُ تعالى أهلَ الإيمان بالخشيةِ والرقةِ والقشعريرةِ عند سماعِ القرآنِ كما في قوله تعالى: 

﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ﴾

[الزمر:23]

وقال تعالى: 

﴿وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾

[الإسراء:106-109]

وما ذلك إلا لما سَمِعُوهُ وشَاهَدُوهُ في آياتِ اللهِ تعالى المتلوةِ من شواهدِ العظمةِ والقدرةِ والكبرياءِ والجلالِ.


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ تعظيم الله تعالى في القرآن

  • الطاعة في الأزمنة الفاضلة

    عبدالعزيز الطريفي

    الطاعة في الأزمنة الفاضلة من تعظيم شعائر الله، ومن عدم تعظيم شعائره معصيته في زمن يحب فيه طاعته (ومن يُعظّم شعائر

    02/08/2019 2146
  • تعظيم الله هو أساس التوحيد

    فريق عمل الموقع

    تعظيم الله تعالى هو أساس التوحيد، فبحسب معرفة العبد بربه وتعظيمه له يتمحض توحيده لله تعالى في ربوبيته وألوهيته

    06/11/2022 1283
  • العظيم

    فريق عمل الموقع

    العظيم قال تعالى: (وهو العلي العظيم)، قال السعدي: "العظيم الجامع لصفات العظمة والكبرياء، والمجد والبهاء الذي

    14/01/2021 2627
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day