شبهات حول اسم الله (القيوم)
الشبهة:
يقول غير المسلم: القرآن هو نسخة مشوهة من الكتاب المقدس.. استغل فيه محمد ما أوتي من بيان.. ليؤسس دينا من مصادر لا يملكها، بدليل تعبير الحي القيوم في القرآن فهو مسروق من الكتاب المقدس
ففي العهد القديم:
سفر دانيال 6: 26 الذي يقول فيه هُوَ الإِلهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ
الرد عليها:
للرد على هذه الشبهة لابد من أسلوب الحوار:
فيقول المسلم: أتعرف من أين جاء محمد بهذه الآية:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}(قّ:38)
بادر النصراني إلى الإجابة من غير تحقيق: مما ورد في الكتاب المقدس.. فقد جاء فيه:(لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض، وفي اليوم السابع استراح وتنفس ) (خروج31: 17).
قال المسلم: هل ترى النصان متفقان؟
قال النصراني: أجل.. فكلا النصين ينص على أن خلق السموات والأرض تم في ستة أيام.
قال المسلم : وهل تريد من القرآن أن يذكر عشرة أيام أو عشرين يوما حتى يتجنب رميه بالاستمداد من الكتاب المقدس!؟
قال النصراني: أجل.. فاتفاقه مع الكتاب المقدس دليل على استمداده منه.
قال المسلم: أرأيت لو أن كاتبا ذكر أن الأرض كروية.. فهل نزعم أنه كتاب مسروق، لأن هناك من سبقه إلى ذكر كروية الأرض!؟
قال النصراني: لا.. فكروية الأرض حقيقة لا شك فيها.
قال المسلم: وقد اعتبر القرآن خلق السموات والأرض في ستة أيام حقيقة لا شك فيها.. بل اعتبرها من الحق الذي ورد في الكتاب المقدس.. فلذلك اتفق معه فيها.
أم أنك تريد أن يبرز القرآن ذاتيته، ولو بالمخالفة التي تدل بحد ذاتها على أنها تهدف إلى إبراز الذات، لا إلى إبراز الحقيقة؟
صمت المسلم، فقال: تأمل النصين جيدا.. هل تراهما متوافقان؟
قال النصراني ـ من غير نظر ـ: لا شك في ذلك.
قال المسلم: أنت حكمت بلفظ الستة عن جميع الآية القرآنية.. سأقرأ عليك الآية من جديد.. وأرجو أن تنسى كلمة (الستة)
أعاد المسلم قراءة الآية، وقال: هل اكتشفت الفرق؟
قال النصراني: أجل.. لقد ذكر القرآن أن الله خلق السموات والأرض من دون أن يمسه أي تعب، بينما ذكر الكتاب المقدس أن الله استراح وتنفس في اليوم السابع.
قال المسلم: فأيهما يتوافق مع العقل؟.. هل هو الطرح القرآني، أم الطرح التوراتي؟
لم يدر النصراني بما يجيبه.
فقال المسلم: أنت.. وكل مسيحي صادق.. يعلم أن الله أعلى وأعظم من أن يصيبه التعب، وأنه أعلى وأعظم من أن يحتاج إلى الراحة.. الله هو القدوس الذي لا تصيبه الأعراض التي تصيبنا.
قال النصراني: أجل.. وفي الكتاب المقدس ما يدل على هذا.
قال المسلم: فالقرآن إذن لم يستمد من الكتاب المقدس هذه المسألة.. بل ذكر هذه المسألة ليصحح بها خطأ الكتاب المقدس.
قال النصراني: كيف عرفت أنه لم يستمد؟
قال المسلم: سأضرب لك مثالا.. لو وقفت أمام خبير في الفلك، وذكرت حقيقة فلكية تعرفها، فوافقك في بعضها، وصحح لك الآخر.. هل ترى أنه استمد منك الحقيقة الأولى؟
قال النصراني: لا.. هو خبير.. فكيف يستمد مني.. بل إن في تصحيحه لخطئي دليل على أن تلك الحقيقة كانت بديهية عنده، وأنه يعرفها على حقيقتها، بخلاف معرفتي السطحية.
قال المسلم: فهكذا النصوص التي يظهر من القرآن أنها تتفق مع الكتاب المقدس.
قال النصراني: أهي لا تتفق؟
قال المسلم: هي تتفق.. ولا تتفق..
قال النصراني: لم أفهم.
قال المسلم: لقد رأى القرآن أن الكتاب المقدس هو كتاب أمة عظيمة من الناس، وبما أنه كتاب هداية للناس جميعا، فقد رأى أن يذكر ما في هذا الكتاب من الصواب والخطأ، والحق والضلال.
قال النصراني: فلم لم يأت بالجديد المجرد؟
قال المسلم: هو أتى بالجديد المجرد.. وأتى بالإصلاح.. ألست ترى أن كل الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى لم ينقضوا الناموس؟.. وأنهم جميعا اكتفوا برسالة موسى.
قال النصراني: أجل.. حتى المسيح روي عنه ذلك.
قال المسلم: فلماذا تتهمون محمدا أنه لص على الكتاب المقدس.. ولا تتهمون جميع الأنبياء.
قال النصراني: هو لم يكن إسرائيليا.
قال المسلم: وهل الله عنصري لهذه الدرجة بحيث لا يختار إلا إسرائيليا؟
صمت النصراني.
فقال المسلم: لقد ورد في القرآن تصحيح أوهام المشركين كما ورد تصحيحه لأوهام أهل الكتاب كما ورد تصحيحه للأوهام الكثيرة التي تعشش في عقول البشرية.
نعم أنت لا يعنيك إلا دينك.. سأذكر لك أمثلة من الكتاب المقدس ومن القرآن، لترى كيف صحح القرآن الأوهام..
لا شك أنك تعرف هذه الآية:{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ}(الانبياء:30)
قال النصراني: أجل.. وهي مستمدة مما ورد في أول الكتاب المقدس:( في البدء خلق الله السموات والارض. وكانت الارض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله ليكن نور فكان نور. ورأى الله النور انه حسن.وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارا والظلمة دعاها ليلا.وكان مساء وكان صباح يوما واحدا وقال الله ليكن جلد في وسط المياه.وليكن فاصلا بين مياه ومياه) (تكوين:1/1-8)
قال المسلم: ألا ترى أن هناك فرقا عظيما بين التعبيرين.. القرآن يعبر عن الحقائق بشكل قوانين شاملة لا يمكن أن تخترق.. هو يذكر أن السموات والأرض كانت مجتمعة، ثم تفرقت، وهو نفس ما يقول العلم. وهو يذكر أن الماء هو مادة أساسية للحياة في جميع الأشياء.. وهو نفس ما يقول العلم..
بينما التوراة قد تضم نفس الحقائق.. ولكنها تعبر عنها بطريقة خرافية.. هي أقرب إلى تعبير العجائز منها إلى تعبير الله.
سكت المسلم قليلا، ثم قال: ألا تلاحظ فرقا أساسيا.. قد لا تشعر به، وقد لا يشعر به كثير من الناس؟
قال النصراني: ما هو؟
قال المسلم: في التوراة نجد حديث غائب.. فهي تقول:(ورأى الله النور انه حسن.وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارا والظلمة دعاها ليلا).. بينما يقول القرآن: {فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا}
ألا تعلم أنه لا يمكن لبشر أن ينسب لنفسه بنون التعظيم مثل هذا الكلام.. إنه كلام عظيم تنهد له الجبال.. ولكن القرآن يمتلئ به..