تحقيق القول في الصفات المعنوية
تحقيق القول في الصفات المعنوية
ولم يرتض الشيخ إثبات هذا النوع من الصفات ، فقال : " والتحقيق أن هذه خرافة وخيال ، وأن العقل الصحيح لا يجعل بين الشيء ونقيضه واسطة ألبتة ، فكل ما ليس بموجود فهو معدوم قطعاً ، وكل ما ليس بمعدوم فهو موجود قطعاً ، ولا واسطة ألبتة ، كما هو معروف عند العقلاء " . ثم تكلم الشيخ على صفات الأفعال ، فقال : وهذه صفات الأفعال جاء في القرآن كثيراً وصف الخالق بها ووصف المخلوق بها ، ولا شك أن ما وصف به الخالق منها مخالف لما وصف به المخلوق ،كالمخالفة التي بين ذات الخالق وذات المخلوق ، ومن هذه الصفات :
ثم تكلم الشيخ على ما أسماه علماء الكلام بالصفات السبع المعنوية التي هي كونه تعالى قادراً ومريداً وعالماً وحياً وسميعاً وبصيراً ومتكلماً ، وبين أن حقيقتها هي كيفية الاتصاف بالمعاني السبعة التي ذكرنا .
ومن عدّها من المتكلمين عدها بناء على ثبوت ما يسمونه الحال المعنوية التي يزعمون أنها واسطة ثبوتية ، لا معدومة ولا موجودة .
صفات الأفعال
1- الرزق : وصف الله نفسه – جلّ وعلا – أنه يرزق خلقه فقال : ( ما أُريدُ منهم من رزقٍ وما أُريدُ أن يُطعمون – إنَّ الله هو الرَّزَّاق ذو القوَّةِ المتين ) [الذاريات : 57-58 ] ، ( وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفُهُ وهو خير الرَّازقين ) [ سبأ : 39 ] ، ( قل ما عند الله خيرٌ من اللَّهو ومن التجارة والله خير الرَّازقين ) [ الجمعة : 11 ] .
ووصف بعض المخلوقين بصفة الرزق ، قال : ( وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه ) [ النساء : 8 ] ، ( ولا تؤتوا السُّفهاء أموالكم الَّتي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها ) [ النساء : 5 ] ، ( وعلى المولود له رِزقُهُنَّ ) [البقرة : 233] .ولا شك أن ما وصف الله به من هذا الفعل مخالف لما وصف به منه المخلوق ، كمخالفة ذات الله لذات المخلوق .
2- العمل : ووصف نفسه – جلّ وعلا – بصفة الفعل وهو العمل ، قال ( أولم يروا أنّا خلقنا لهم مّمَّا عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون ) [ يس : 71 ] .ووصف المخلوقين بصفة الفعل التي هي العمل قال : ( إنَّما تجزون ما كنتم تعملون) [ الطور : 16 ] ، ولا شك أن ما وصف به المخلوق مخالف له كمخالفة ذات الخالق ذات المخلوق .
3- التعليم : وصف نفسه بأنه يعلم خلقه : ( الرَّحمن – علَّمَ القرآن – خلق الإنسان – علَّمهُ البيان ) [ الرحمن : 1-4 ] ، ( اقرأ وربُّك الأكرم – الَّذي علَّم بالقلم – علَّم الإنسان ما لم يعلم ) [ العلق : 3-5 ] ، ( وعلَّمك ما لم تكن تعلمُ وكان فضل الله عليك عظيماً ) [ النساء : 113 ] .
ووصف بعض خلقه بهذه الصفة أيضاً ، قال : ( هو الَّذي بعث في الأُميّيّن رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) [ الجمعة : 2 ] ، وجمع المثالين في قوله : ( تعلمونَهُنَّ مِمَّا علَّمكم الله ) [ المائدة : 4 ] .
4- الإنباء : ووصف نفسه – جلّ وعلا – بأنه ينبئ ، ووصف المخلوق بأنه ينبئ ، وجمع بين الفعل في الأمرين في قوله جلّ وعلا : ( وإذ أسرَّ النَّبيُّ إلى بعض أزواجه حديثاً فلمَّا نبَّأت به وأظهره الله عليه عرَّف بعضه وأعرض عن بعضٍ فلمَّا نبَّأها به قالت من أنبأك هذا قال نبَّأني العليم الخبير ) [ التحريم : 3 ] . ولا شك أنّ ما وصف الله به من هذا الفعل مخالف لما وصف به منه العبد ،كمخالفة ذات الخالق لذات المخلوق .
5- الإيتاء : ووصف نفسه بصفة الفعل الذي هو الإيتاء . قال جلّ وعلا : ( يؤتي الحكمة من يشاءُ ) [ البقرة : 269 ] ، ( ويؤت كلَّ ذي فضلٍ فضلهُ ) [ هود : 3] .ووصف المخلوقين بالفعل الذي هو الإيتاء ، قال : ( وآتيتم إحداهُنَّ قِنطاراً ) [ النساء : 20 ] ، ( وآتوا النساء صدقاتهن نِحلةً ) [ النساء : 4 ] .
ولا شك أن ما وصف الله به من هذا الفعل مخالف لما وصف به العبد من هذا الفعل كمخالفة ذاته لذاته .