خطبة بعنوان: اللطيف.. الخبير (سبحانه)
في دراستنا لما اقترن من أسماء الله الحسنى وجدنا أن اسم الله (اللطيف) لم يقترن إلا بالخبير، وورد أربع مرات، مرتين (لطيف خبير) ومرتين (اللطيف الخبير)،
{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الأنعام: 103)
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: 14)
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (الحج: 63)
{يَـبُنَىَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِي صَخْرَة أَوْ فِى السَّمَـوَتِ أَو فِى الاَْرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 16)
وورد (لطيف) مقيداً مرتين في سورة يوسف، وسورة الشورى.
– لنركز على الأسماء التي اقترنت ببعضها، (اللطيف) لم يقترن إلا (بالخبير)، ودائماً يسبقه.
– نعم، حتى في السنة ورد مقترناً بالخبير يسبقه.
عند مسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها – أن النبي[ قال لها: «لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير».
وماذا عن اسم الله (الخبير)؟
– اسم الله عز وجل (الخبير) ورد مقترناً بثلاثة أسماء، ولكن أكثر ما ورد في كتاب الله كان متعلقاً بأعمال العباد، فقد ورد ثلاثين مرة في مثل قوله تعالى: {والله بما تعملون خبير}، {والله خبير بما تعملون}، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ} (النور: 30)، {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}(النمل: 88)، {إن الله كان بما تعملون خبيراً}، {وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}(الفرقان: 58)، {ک بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿11﴾}(الفتح: 11).
– وماذا عن الأسماء التي اقترن بها؟
– اقترن اسم (الخبير) بأربعة أسماء: (الحكيم)، (اللطيف)، (العليم)، وهذه تأتي قبل (الخبير)، أما (البصير) فيأتي بعد الخبير.
شعرت أن صاحبي يستمتع ببحث عدد المرات التي ترد فيها الأسماء في كتاب الله.
– لنر بعض الأمثلة.
– (حكيم خبير) وردت أربع مرات، (الحكيم الخبير) ثلاث، ومرة واحدة (حكيم خبير)، الأنعام: 18، الأنعام:73، سبأ: 1، هود: 1.
– (عليم خبير) ثلاث مرات، (العليم الخبير) مرة واحدة، و(عليم خبير) مرتين. التحريم: 3، لقمان: 34، الحجرات: 13.
وماذا عن (البصير)؟
– لم يرد اسم (الخبير) مقترناً (بالبصير) معرفاً بألـ، وإنما ورد منوناً (خبيراً بصيراً) ثلاث مرات، و(خبير بصير) مرة واحدة. الإسراء: 17و 30 و96، والشورى: 27.
استوقفني صاحبي.
– (البصير) هو الاسم الوحيد الذي جاء بعد (الخبير)، أما (العليم، والحكيم، واللطيف) أتت قبل الخبير.
فالحكمة والعلم واللطف تسبق الخبرة، والخبرة تسبق البصيرة، ووردت (خبيراً بصيراً) كلها في سورة الإسراء التي تبدأ بقول الله تعالى:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (الإسراء: 1)
قاطعته.
– ماذا تعني بهذه الملاحظة؟
– لا شيء، مجرد ملاحظة ظهرت لي، لنتابع.
– ماذا نتابع؟
– معنى (اللطيف) و(الخبير) لغة؟!
– (الخبير) العالم بالأمور الباطنة، ومن يعرف الأمور على حقيقتها، و(اللطيف) الذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقائق المصالح وإيصالها إلى من قدرها له من خلق.