مقال بعنوان: الخلاق العليم
– بعض الأسماء الحسنى تكون متقاربة بحيث أشعر أن فيها «تكراراً» مع علمي اليقيني أن هناك فارقاً وإن كنت لا أعرفه.
– هلا وضحت لي نقطتك بأمثلة.
– مثلا: (الغفور والغفار) و(القاهر والقهار) و(القادر والقدير» و(الخالق والخلّاق) و(العالم والعليم).
قاطعته.
– هذه الأخيرة ليست صحيحة وذلك لأن (العالم) ليس من أسماء الله الحسنى إنما (العليم)، ومن صفاته عز وجل أنه (علّام الغيوب) وليس اسما من الأسماء الحسنى.
– معذرة، ولكن لنرجع إلى سؤالي.
صاحبي كثير الاطلاع والقراءة عبر المواقع الإلكترونية، يشارك في الملتقيات ويتابع المحاضرات المنقولة في الشبكة العنكبوتية العالمية.
– لا شك أن كل اسم من الأسماء الحسنى يحمل معنى مختلفاً عن الآخر وإن تقاربت المعاني، قالوا مثلا: (الغفور) يغفر الذنوب مهما كثرت، و(الغفار) يغفر الذنوب مهما كبرت وتنوعت، فالأول للكم والثاني للكيف.
– وماذا عن (الخالق والخلّاق)؟!
– (الخالق) اسم من أسماء الله الحسنى ورد في كتاب الله:
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (الحشر:24)
وكذلك في قوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (فاطر:3)
وورد مقيدا بأن الله خالق كل شيء في الآيات: (الأنعام:102)، و(الرعد:16)،و(الزمر:62)، و(غافر:62)، و(الخلّاق) ورد مرتين في كتاب الله مقترنا بـ(العليم):
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} (الحجر:86)
{بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُﯨ} (يس:81).
وفي المعنى: (الخالق) على وزن فاعل وهو الذي ينشئ الشيء من العدم عن قدرة وغنى، وخلقه سبحانه -عموما- أن يقول لما يريد «كن» فيكون.. وليس في كلام العرب شيء هو أخف من كن، فلا عناء في أن يوجد ما يشاء من العدم سبحانه؛ ذلك أنه ينشئ ما يريد مع استغنائه عن كل شيء سبحانه وتعالى.
أما (الخلّاق)، فهو الذي يبدع في خلقه كماً وكيفا، كما قال تعالى:
{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} (الأنعام:133)
وجميع الآيات الأخرى التي تدل على إبداع خلقه سبحانه وتعالى:
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (التغابن:3)
واقترن (الخلاّق) بـ(العليم)، وكلاهما صيغة مبالغة، واقترنا للتنبيه على علم الله بجميع مخلوقاته، وقيل: لأن (الخلاق) لا يمكن أن يبدع خلقه إلا أن يكون (عليما) بكل شيء لا يخفى عليه شيء من أسرار خلقه سبحانه وتعالى، فالاسمان (الخلّاق والعليم) متلازمان في مسألة إبداع الخلق وتصويره وإعادة خلقه مرة أخرى بأي صورة يشاء سبحانه وتعالى، فهو إشارة إلى إعادة الخلق يوم البعث.. والله تعالى أعلم.