خطبة عن اسم الله ( الرَّقِيب )


الشيخ/ حامد إبراهيم

 الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد أيها المسلمون يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ »، وقال تعالى :{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) النساء إخوة الإسلام إن معرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب والسنة ،وما تتضمنه من معاني جليلة ،وأسرار بديعة ،لمن أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد ، وتقوية يقينه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:”ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات، كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه”. ومن الأسماء الحسنى التي وردت في كتابه الله العظيم: اسمه سبحانه: (الرَّقِيب) ،قال تعالى :

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) النساء 

وقال تعالى :{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (117) المائدة 

وقال تعالى :{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا } (52) سورة الأحزاب 

والإيمان باسمه تعالى ( الرقيب ) ، وتدبر معانيه ، ينبت في قلب العبد المؤمن ثمارا مستطابة نافعة له، يقول العز بن عبد السلام -رحمه الله- : ” معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العليا هي أفضل الأعمال شرفا و ثمرا “. وقد جاء في معاني هذا الاسم الجليل: قال الحليمي : “الرقيب: هو الذي لا يغفل عما خلق فيلحقه نقصٌ، أو يدخل خلل من قِبَلِ غفلته عنه” وقال ابن الحصار “الرقيب: المراعي أحوال المرقوب ، الحافظ له جملة وتفصيلاً، المحصي لجميع أحواله” وقال الزجاج “الرقيــب: هو الحافظ الذي لا يغيب عمَّا يحفظه” وقال السعدي “الرقيب: المطلع على ما أكنته الصدور، القائم على كل نفسٍ بما كسبت، الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير” وقالوا: “الرقيب” أي : المراقب ، المطلع على أعمال العباد ، الذي لا تخفى عليه خافية ، ويدخل في معنى “الرقيب” أيضاً : المدبر لأمور الخلق على أحسن ما يكون .وقال الخازن في “لباب التأويل” “والرقيب في صفة الله تعالى : هو الذي لا يغفل عما خلق ، فيلحقه نقص ، ويدخل عليه خلل،وقيل : هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء من أمر خلقه ، فبيّن بقوله : (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) أنه يعلم السر وأخفى , وإذا كان كذلك فهو جدير بأن يخاف ويتقى” . وقال الألوسي : “ناظراً إلى قلوبكم ، مطلعاً على ما فيها فالرقيب هو الله سبحانه وتعالى ، وهو المطلع على خلقه ، يعلم كل صغيرة وكبيرة في ملكه، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .. قال تعالى:

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [المجادلة:7]

وقال الله تعالى: { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [الزخرف:80] 

فالله سبحانه وتعالى رقيب راصد لأعمال العباد وكسبهم، عليم بالخواطر التي تدب في قلوبهم، ويرى كل حركة أو سكنة في أبدانهم، ووكل ملائكته بكتابة أعمالهم وإحصاء حسناتهم وسيئاتهم، قال تعالى:

{ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [الانفطار: 10,12]

فالملائكة تسجيل أفعال الجنان والأبدان، وقال تعالى عن تسجيلهم لقول القلب وقول اللسان:

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 16,18]

وهو من فوقهم رقيبٌ عليهم وعلى تدوينهم، ورقيبٌ أيضًا على أفعال الإنسان قال تعالى:

{ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } [يونس:61]

ومراقبة الله تعالى لخلقه مراقبة عن استعلاء وفوقية، وقدرة وصمدية، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، ملك له الملك كله، وله الحمد كله، وإليه يُرجع الأمر كله وتصريف الأمور كلها بيديه، ومصدرها منه ومردها إليه، سبحانه مستو على عرشه لا تخفى عليه خافية، عالمٌ بما في نفوس عباده مطلع على السر والعلانية، يسمع ويرى، ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، ويخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويقدر ويقضي، ويدبر أمور مملكته، فمراقبته لخلقه مراقبة حفظٍ دائمة، وهيمنةٍ كاملة، وعلم وإحاطة .. 

أيها المسلمون وبعد أن تعرفنا على اسم الله تعالى (الرقيب ) ، فما هو حظ المؤمن من اسم الله الرقيب؟ أولاً: مراقبة الله تعالى في سره وعلانيته .. يقول ابن القيم “المراقبة: دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق على ظاهره وباطنه”.. فكلما هَفَت نفسه إلى المعصية، عَلِمَ علم اليقين أن الله البصير مُطلعٌ على خفايا نفسه وعلى سره وجهره .. فلا يكن الله تعالى أهون الناظرين إليه. فإذا تيَّقن العبد من نظر الله تعالى إليه، تتولد لديه مراقبة لله في جميع أحواله مما يجعله يرتقي درجة عظيمة من درجات الإيمان ألا وهي درجة الإحســـان. وقال الحارث المحاسبي: “أوائل المراقبة: علم القلب بقرب الرب ، والمراقبة في نفسها التي تورث صاحبها وتكمل له الاسم ويستحق أن يسمي مراقبًا: دوام علم القلب بعلم الله في سكونك وحركتك، علمًا لازمًا للقلب بصفاء اليقين” ويقول الإمام الغزالي “أعلم أن حقيقة المراقبة هي ملاحظة الرقيب وانصراف الهمم إليه، والمراقبة لمن وحد الله في اسمه الرقيب على نوعين: 

النوع الأول: مراقبة العبد لربِّه بالمحافظة على حدوده وشرعه واتباعه لسُنَّة نبيه ..فيوقن بأن الله معه من فوق عرشه يتابعه يراه ويسمعه، كما ورد من حديث عبد الله بن عباس أن رسول الله قال له:

“يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذا سَألت فاسْأل الله، وإذا اسْتعنتَ فاسْتعن بالله” [رواه الترمذي وصححه الألباني] ..

والنوع الثاني: إيمان العبد بمراقبة الله لعباده وحفظه لهم وإحصائه لكسبهم ..فعن أبي هريرة : أن رسول الله قال: “قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: رَبِّ ذَاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، وَهُوَ أَبْصَرُ بِهِ، فَقَالَ: ارْقُبُوهُ فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِمِثْلِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّاي” [صحيح مسلم] .. مِنْ جَرَّاي، أي: ابتغاء وجهي. فيستشعر العبد أن الله تعالى ناظرٌ إليه حال عمله، ويرى خطرات قلبه وظاهر عمله،، ثانيــًا: ومن حظ المؤمن من اسم الله الرقيب، حراسة الخواطر : فمراقبة الله سبحانه تعالى تقتضي أن يحترس المرء من خواطره؛ لأنها نقطة البداية لأي عمل ..وذلك بألا تسبح مع خاطرك .. فلا تطلق لخيالك العنــان وتدع نفسك تشرُد في كل ما تشتهي وتتمنى .. وكلما راودتك تلك الخواطر وأحلام اليقظة، تحرَّك واشغل نفسك بأي عمل آخر: حتى لا تسبح بخيالك بعيدًا عن هدفك. ومن راقب الله في خواطره، عصمَّه الله في حركات جوارحه،، أيها المسلمون فيجب على كل مكلف أن يعلم الله جل شأنه هو القريب على عباده، الذي يراقب حركاتهم وسكناتهم، وأقوالهم وأفعالهم بل ما يجول قلوبهم وخواطرهم، لا يخرج أحد من خلقه عن ذلك قال سبحانه

(وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) [البقرة: 235]

فمن كان لذلك ملاحظاً غير غافل عنه، راقب تصرفاته، ومعاملاته وعباداته، وسائر حياته، وفي ذلك صلاح دنياه وآخرته، . وقد حقق السلف الصالح مراقبة الله في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم ، فهذا أمير المؤمنين عمر ، كان يتجول ليلاً كعادته للاطمئنان على رعيته، فسمع صوت بائعة اللبن وهي تقول لابنتها: يا بُنيتي ضعي الماء على اللبن، فقالت الفتاة: يا أماه ألم تعلمي أن أمير المؤمنين قد نهى عن خلط اللبن بالماء؟ قالت: يا بنيتي عمر بن الخطاب لا يرانا الآن فقالت الفتاة: يا أماه إن كان عمر لا يرانا فرب عمر يرانا.. فوضع عمر علامة على البيت وذهب لأولاده، وقال لهم: في هذا البيت فتاة أيكم يجب أن يتزوج هذه الفتاة، والله لا تخرج هذه الفتاة من بيت ابن الخطاب، وإن لم ترضوا أن تتزوجوها أنتم فسأتزوجها ، فتزوجها عاصم بن عمر بن الخطاب، وعاش معها عيشة رضية هنية، وأنجب منها فتاة اسمها ليلى، تزوجها عبد العزيز بن مروان، فأنجبت منه خامس الخلفاء الراشدين، ومجدد القرن الأول عمر بن عبد العزيز . وحكى عن ابن عمر رضى الله عنهما مر بغلام يرعى غنماً فقال: بع لي شاة. فقال الغلام: أنها ليست لي .قال ابن عمر قل أكلها الذئب .فقال الغلام :فإين الله. فاشتراه ابن عمر ، وأشترى الغنم ،وأعتقه ، ووهبه تلك الغنم

أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

أما بعد أيها المسلمون إن الثمار الزكية المقتطفة من تحقيق الإيمان بهذا الاسم الكريم منها ما ينالها العبد في الدار العاجلة ومنها ما يُدخر له ليناله في الدار الآجلة بإذنه سبحانه ،ومن هذه الثمار الطيبة : 1- إثبات صفة المراقبة لله عز وجل إثباتا يليق به سبحانه ،لا يشبهه في ذلك أحد من خلقه ولا يدانيه كما في قوله سبحانه:

﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى:11] 

فالمراقبة هي من صفات الله الذاتية وهي صفة مدح و كمال، و المخلوق لا يدرك حقيقتها لا تفكيرا و لا تصويرا. قال الشيخ السعدي-رحمه الله-: “الرقيب والشهيد من أسمائه الحسنى هما مترادفان، وكلاهما يدل على إحاطة سمع الله بالمسموعات، ونصره بالمبصرات، وعلمه بجميع المعلومات الجلية والخفية وهو الرقيب على ما دار في الخواطر ، وما تحركت به اللواحظ ، ومن باب أولى الأفعال الظاهرة بالأركان “. 

2-التعــبد لله سبحانه ودعائه باسمه الرقيب، فنتعبد الله باسمه، 3-استشعار مراقبة الله في الليل والنهار والخلوة و الجلوة وفي كل وقت وحين، فإن العبد إذا استشعر مراقبة الباري سبحانه له اتقاه وابتعد عن معصيته خاصة في الخلوات فيتذكر عند قدرته على المعصية في السر وغياب أعين البشر عنه! أن هناك من يراه ،ويعلم سره وجهره ،لا يخفى عليه شيء مهما كان حجمه، فيستحي منه ويتقيه ،ألا وهو رب العزة جل جلاله. وعلى العبد أن يعلم ويتيقن أنه سبحانه لحلمه الكامل لم يُعاجله بالعقوبة مع قدرته على ذلك، وأن في إمهاله له فرصة للرجوع والتوبة. قال الشيخ السعدي-رحمه الله-:”وسبحان الحليم ،الذي لا يعاجل العاصين بالعقوبة ،بل يعافيهم ويرزقهم ،كأنهم ما عصوه مع قدرته عليهم” . 

ومن فوائد مراقبة العبد لربه : 

1) الفوز بالجنة والنجاة من النــار .. فإن من راقب الله يُبلَّغ المنازل العلا. 

2) أن يشمله الله بحفظه ورعايته في الدنيــا والآخرة .. كما في حديث السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم

“.. وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ » [متفق عليه] 

3) الأمان من الفزع الأكبر يوم القيامة .. 

4) المراقبة دليلٌ على كمال الإيمان وحُسن الإسلام .. فالمراقبة ترتقي بإيمان العبد إلى درجة الإحسان، كما ذكر النبي في تعريف الإحسان

“أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ” [رواه مسلم]

والمحسن أعلى درجة من المؤمن والمسلم . 

5) تُثمر محبة الله تعالى ورضاه .. 

6) يرزقه الله تعالى حُسن الخاتمة .. إذا راقب قلبه واستقامت أحواله في حياته. أيها المسلمون فنحن نحتاج إلى أن نراقب الله المطَّلِع علينا في كل أوقاتنا وأحوالنا، فنعبد الله كأننا تراه، وكأن الحجُب قد انجلت، والسماء قد كُشِفت، وكأنك ترى الله مستوٍ فوق عرشه ينظر إليك، ويراك ويسمعك، ويراقبك مراقبة دقيقة مسجَّلة في السجِلات والكُتُب؛ تكتبها الملائكة الكاتبين، وتقيِّد ما تراه منك ولو كان الأنين! نحتاج إلى الذين عرفوا اليوم اسم الله (الرقيب) من أمثال هؤلاء: زوج يراقب الله في أهله، فيحسن إليهم ويكون في مِهْنتهم. زوجة تراقب الله في زوجها، فتحفظه في نفسها وماله، في غيبته وحضرته. موظف يراقب الله في صِدقه وأمانته مع الجمهور. تاجر يراقب الله في سلعته، فلا يغشنا وإلا ما كان منا. شيخ يراقب الله في النطق بكلمة الحق، ولا يُلبِس الحقَّ بالباطل أو يُدلِّس به على الناس. وما عرف ربه الرقيب من خانه في سريرته، وكأن الله غير مطَّلع عليه. 

وما أجمل قول من قال :

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا … فَلَا تَقُلْ خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ سَاعَةً … 

وَلَا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ ألم ترَ أن اليوم أسرع ذاهبٍ … وأن غدًا إذًا للناظرينَ قريبُ

فادع الله باسمه الرقيب دعاء مسألة وطلب ، وقل : يا رقيب.. اجعلنا نخشاك كأننا نراك، ولا تجعل مراقبتنا لأحد سواك.. يا رقيب.. أنت الرقيب لحركات الأكوان، العليم بِخطوات قلوب الإنس والجان، أشرِقْ على قلبي بنور اسمك الرقيب، حتى أرى مراقبتك لي في كل حال، وحل وترحال. يا رقيب .. أنت الرقيب على أعمالنا فأحسنها، وأنت الرقيب على نياتنا فأخلصنا، وأنت الرقيب على جوارحنا فمن ذنوبنا خلِّصنا.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ خطبة عن اسم الله ( الرَّقِيب )

  • صلاة الاستسقاء

    د/ يوسف بن عبد الله

    صلاة الاستسقاء : هي التعبد لله تعالى بطلب السقيا بالصلاة ، وتشرع إذا أجدبت الأرض ، وانحبس

    11/04/2013 3386
  • صفة صلاة العيد

    الشيخ محمد صالح المنجد

    صلاة العيد ركعتان قبل الخطبة لقول ابن عمر رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان

    30/09/2014 3041
  • موافقة السنة للقرآن الكريم

    الشيخ محمد حسن عبد الغفار

    السنة شقيقة الكتاب وصنوه، وهي التي حفظها الله بحفظه، فإن الجهابذة يحفظونها وينقلونها إلينا نقية بيضاء، فيحفظونها

    29/07/2013 5917
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day