دأب الصالحين..
والفرق بين المؤمن وغيره: أن المؤمن يعلم أن زمام العالم بيد الله سبحانه وتعالى، وأنه هو الشافي، وهو أرحم الراحمين، وأن المرض ما أرسل إلا لخير علمه الله الرحيم
{وَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُوا شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ}
[البقرة: 216]
فمهما اضطربت الأحداث وتقلبت الأحوال؛ فلن تبت فيها إلا المشيئة العليا،
{وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
[يوسف: 21]
فتجد المؤمن المريض راضياً مسلماً محتسباً بما أنزل عليه من الداء.
والمؤمن يعلم: "أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما اخطأه لم يكن ليصيبه"؛ لقوله تبارك وتعالى:
{قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا}
[التوبة: 51]
ولقوله صلى الله عليه وسلم:
"ولو أنفقت مثل أحد ذهباً في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لدخلت النار"
[حديث صحيح. رواه أبو ادود]
مر علي بن أبي طالب بعدي بن حاتم رضي الله عنهما؛ فرآه حزيناً كئيباً؛ فقال له: "يا عدي! ما لي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: وما يمنعني وقد قتل أبنائي وفقئت عيني؟ فقال علي رضي الله عنه: يا عدي! إنه من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر، ومن لن يرض بقضاء الله جري عليه، وحبط عمله"
قال العلماء: بقدر حاجة الإنسان إلى الله، وانطراحه بين يديه، ولجوئه إليه؛ تكون الإجابة، ويأتي الفرح، ويستجاب الدعاء.
وما منا إلا وله تجربة مع المرض، وكيف أن المرض كشف ضعفنا وأنه لا حول لنا ولا قولة إلا به تبارك وتعالى، فلما كشف عنا وزال ما بنا من داء؛ صار حالنا كما قال الشاعر:
نحن ندعو الإله في كل كرب ثم ننساه عند كشف الكروب
كيف نرجو إجابة لدعاء قد سددنا طريقها بالذنوب
فشأننا مع الله عز وجل عجيب!!