لا تحزن!


عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

إذا بُليت بالمرض فاعلم: أن الله هو الشافي، ولا يعجزه شيء، فإن ظننت أن مرضك ليس له شفاء؛ فقد أسأت الظن بالله! فقط أقبل عليه بحسن الظن وصدق الالتجاء، واصبر محتسباً وتصدق، وألح عليه في الدعاء: يا شاف اشفني! فهو الحق، وقوله الحق، وهو على كل شيء قدير

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِىٓ أَسْتَجِبْ لَكُمْ}

[غافر: 60]

وجاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:

"إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين"

[حديث صحيح. رواه الترمذي]

والله عز وجل قال:

{أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوٓءَ}

[النمل: 62].

وعندما تكون على هذه الحال؛ فقد تكرم عليك مولاك بعظيم الأجر والثواب، قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه؛ حتى الشوكة يشاكها"

[أخرجه البخاري – وهذا لفظه- ومسلم]

قال ابن تيمية رحمه الله: "الله عنده من المنازل العالية في دار كرامته: ما لا ينالها إلا أهل البلاء"

ثم تعز بأهل البلاء؛ ففي كل دار نائحة، وعلى كل خد دمع، وفي كل واد بنو سعد.

كم من المصائب، وكم من الصابرين؟!

فلست وحدك المصاب، بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل.

كم من مريض على سريره من أعوام؟! يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من الألم، ويصيح من السقم.

وتذكر أن هذه الحياة سجن المؤمن، ودار للأحزان والنكبات، وفيها تصبح القصور حافلة بأهلها، وتمسي خاوية على عروشها

{لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ فِى كَبَدٍ}

[البلد: 4]

اقبل دنياك كما هي، وطوع نفسك لمعايشتها؛ فإنها جبلت على كدر، والكمال ليس من شأنها.

ولولا مرارة المرض ما عرفت نعمة الصحة.

ولك في أيوب عليه السلام أسوة حسنة..

والمؤمن يسأل الله العافية على الدوام، كان عبد الله التيمي رحمه الله يقول: "أكثروا من سؤال الله العافية؛ فإن المبتلى وإن اشتد بلاؤه ليس بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن من البلاء.

وما المبتلون اليوم إلا من أهل العافية بالأمس، وما المبتلون بعد اليوم إلا من أهل العافية اليوم"

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "من أعظم علاجات المرض: فعل الخير، والإحسان، والذكر، والابتهال إلى الله، والتوبة.

قــل للطبيب تخطفتــــه يـــد الردى            مــــن يـــا طبيــــــب بطبــــــه أرداكـــــا

قل للمريض شفي وعوفيا بعدما             عجزت فنون الطب: من عافاك

لإنه الرحيم الشافي المعافي

{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}

[الشعراء: 80]


اللهم يا شافي! اشقنا واشف جميع مرضى المسلمين؛ يارب العالمين!


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ لا تحزن!

  • إلى كل نفس متعبة

    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان

    إلى كل نفس مُتعبة، وإلى كل قلب انكسر، لا تحزن ولا تتألم أيها المنكسر الضعيف، ولا تيئس أيها الوحيد الغريب، ولا تبكِ

    26/11/2021 1138
  • وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ

    الشيخ احمد الشبكي

    الأمان من الأحزان والنجاة من العدوان في معية الرحمن يعيش الناس في هذه الأيام صورا متعددة من البؤس والكد والنكد

    03/04/2017 3453
  • القابض والباسط جل جلاله

    عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

    رسالة قبل البدء إلى من سلك كل الطرق؛ فرآها قد سدت، وطرق الأبواب؛ فوجدها قد غلقت.. وإلى من تلمس جوانب نفسه

    18/12/2022 726
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day