والتقديم والتأخير..
كوني، وشرعي:
فمثال الكوني: تقديم الله عز وجل بعضاً من مخلوقاته على بعض في الخلق والإيجاد، ففي الحديث:
"إن أول ما خلق الله: القلم"
[حديث صحيح. رواه أبو داود]
وخلق السماوات والأرض في ستة أيام، وقدم خلق الملائكة على خلق الجن والإنس، وقدم خلق الجن على خلق الإنسان:
{وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَٰهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ}
[الحجر: 27]
وأول البشر خلقاً: آدم عليه السلام، ثم تتابع بنوه في الخلق والوجود، فمنهم المتقدم، ومنهم المتأخر.
ولا يلزم من هذا: أن يكون المتقدم أفضل من المتأخر؛ فآدم خلق في آخر الأيام الستة، وله فضل هو وبنوه على كثير ممن تقدمهم في الخلق:
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا }
[الإسراء: 70]
ومحمد صلى الله عليه وسلم آخر الرسل، وهو أفضل الرسل، وأمته آخر الأمم، وهي أفضل الأمم.
وقد يكون المتقدم أفضل من المتأخر؛ فأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام أفضل من كل الأنبياء والرسل من بعده؛ باستثناء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما التقديم والتأخير الشرعي الديني: فقد قدم الأذان على الصلاة، وخطبة الجمعة على صلاة الجمعة، وللعبادات ترتيب خاص في الشروط والواجبات قد لا تصح العبادة دونها.
ومن التقديم الشرعي الديني: تفضيل بعض العبادات على بعض، وبعض العباد على بعض؛ فالفرائض أحب إلى الله من النوافل، وأفضل البشر: الأنبياء والرسل، وهم متفاضلون فيما بينهم، ومن عداهم كذلك، منهم: المقدم، ومنهم: المؤخر.
والعبد المؤمن متى علم أن الله المقدم والمؤخر جل وعلا؛ تعلق قلبه بالله وحده، وطلب منه الإيمان والثبات، وتوكل عليه؛ لأنه سبحانه وتعالى لا مقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم.