في ظلال اسميه: القابض والباسط:


عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

فربنا سبحانه وتعالى الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده؛ حتى لا تبقى فاقة، ويقبضه عمن يشاء؛ حتى لا تبقى طاقة؛ بكمال القدرة والعدل؛ على حسب ما تقتضيه حكمته، وما يليق بأحوال عباده، وإذا زاده سبحانه وتعالى لم يزده سرفاً ولا خرقاً، وإذا ينقصه عدماً ولا بخلاً؛ فالله سبحانه وتعالى قد قال:

{وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوْا فِى ٱلْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍۢ مَّا يَشَآءُ ۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرٌۢ بَصِيرٌ}

[الشورى: 27]

وفي الحديث: لما غلت الأسعار في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ طلب الصحابة رضي الله عنهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحدد الأسعار؛ فقالوا: يا رسول الله! غلا السعر، فسعر لنا؟ فقال:

"إن الله هو: المسعر القابض الباسط الرازق"

[حديث صحيح. رواه ابن ماجه]

وربنا سبحانه وتعالى يقبض الصدقات من الأغنياء، ويبسط الأرزاق للضعفاءـ يقبض الصدقات فيربيها، ويبسط النعم ويهيئها.

وربنا سبحانه وتعالى يقبض الأرواح عن الأجساد عند الممات ويبسط الأرواح فيها عند الحياة.

وربنا سبحانه وتعالى يقبض القلوب؛ فيضيقها حتى تصير حرجاً كأنما تصعد في السماء، ويبسطها بما يفيض عليها من معاني بره ولطفه وجماله؛ فتبقى منشرحة، فالله عز وجل قال:

{فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُۥ يَشْرَحْ صَدْرَهُۥ لِلْإِسْلَٰمِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُۥ يَجْعَلْ صَدْرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَآءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}

[الأنعام: 125]

وربنا سبحانه وتعالى يقبض ويبسط بيديه الكريمتين – على الحقيقة وعلى الكيفية التي تليق بجلاله وكماله – لمن شاء من الخليقة، فمن ذلك: فالله عز وجل قال:

{وَمَا قَدَرُوا ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦ وَٱلْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّٰتٌۢ بِيَمِينِهِۦ ۚ سُبْحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ}

[الزمر: 67]

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه؛ فيقول: أنا الله – ويقبض أصابعه ويبسطها – أنا الملك"

[أخرجه مسلم]

والله عز وجل ربنا بسط يده بالتوبة لمن أساء، فصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:

"إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل؛ حتى تطلع الشمس من مغربها"

[أخرجه مسلم].

وهو تبارك وتعالى الذي يملي للعصاه؛ فيجعلهم بين الخوف والرجاء.

وربنا يبسط يديه لمن سأله ودعاه في كل ليلة، صح عنه عليه السلام أنه قال:

"... ثم يبسط يدبه تبارك وتعالى يقول: من يقرض غير عدوم، ولا ظلوم؟"

[أخرجه مسلم].

وربنا سبحانه وتعالى يبسط لمن يشاء في العلم والخلقة، قال تبارك وتعالى:

{وَزَادَهُۥ بَسْطَةً فِى ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ ۖ}

[البقرة: 247]

وربنا يقبض بيده الكريمة؛ فيعتق أقواماً من النار لم يعملوا خيراً قط؛ كما جاء في الحديث الطويل:

"فيقبض قبضة من النار؛ فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط"

[أخرجه مسلم]

وربنا يقبض ويبسط الظلال والأنوار وما يترتب على ذلك من اختلاف الليل والنهار.

وهو سبحانه وتعالى يقبض بالتحريم، ويبسط بالإباحة.

وربنا سبحانه وتعالى يقبض قلوب العباد ويبسطها، والمؤمن يعيش بين الرجاء والخوف

              هو قابض هو باسط هو خافض

                              هو رافع بالعدل والميزان

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ في ظلال اسميه: القابض والباسط:

  • القابض والباسط جل جلاله

    عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

    رسالة قبل البدء إلى من سلك كل الطرق؛ فرآها قد سدت، وطرق الأبواب؛ فوجدها قد غلقت.. وإلى من تلمس جوانب نفسه

    18/12/2022 770
  • القابض الباسط

    د. باسم عامر

    الدليل: عن أنس رضي الله عنه، قال: غلا السِّعرُ على عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فقالوا: يا

    04/07/2023 421
  • ذكرى!!

    عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

    وإن كان الله عز وجل هو: القابض الباسط الخافض الرافع – قدراً وقضاءً-؛ فلا يمنع أن تكون هذه الأمور بأسباب من العباد؛

    26/12/2022 459
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day