الرفقاء:
ومن علم أن الله رفيق ازداد حباً لله، وازداد إجلالاً وحمداً وشكراً، والله يحب أسماءه ويحب المتصفين بها – عدا ما بغضه لعباده منها -، فالله رحيم يحب الرحماء، كريم يحب الكرماس، رفيق يحب الرفقاء.
وأولى الناس بهذا الخلق: الأنبياء، وعلى رأسهم: محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم مع الناس يملؤها الرفق، ما غضب لنفسه قط، ولا ضاق صدره بضعفهم البشري، ولا احتجز لنفسه شيئاً من أعراض هذه الدنيا، بل أعطاهم كل ما ملكت يداه؛ في سماحة ندية، ووسعهم حلمه وبره، وعطفه ووده الكريم، وما من امرئ جالسه إلا امتلأ قلبه بحبه؛ وذلك لرفقه وكرمه صلى الله عليه وسلم.
يأتي الأعرابي يبول في ناحية المسجد؛ فيقوم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: مه مه! فقال لهم رسول الله: "لا تزرموه، دعوه!". فلما انتهى؛ دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن" [أخرجه مسلم]
وإن الله رفيق يحب أهل الرفق، صح عنه عليه السلام أنه قال:
"إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف"
[رواه مسلم]
وأولى الناس بهذه الصفة بعد الأنبياء هم: الملوك والمسؤولون، والدالون على الله من أهل الدعوة والعلم، وكذلك الآباء، فالناس لديهم من الهموم ما يكفيهم، وهم بحاجة إلى من يواسيهم لا من يعنفهم، يحتاجون إلى كنف رحيم، وإلى رعاية فائقة، وإلى بشاشة سمحة، وإلى ود يسعهم..
فالناس أشد حاجة إلى الرفق من حاجتهم إلى العطاء مع الغلظة، وأولى الناس بالرفق: نفسك ثم والداك والزوجة والأبناء والرعية والعاملون معك وصحبك.