المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الدعاة وسيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فما من عـام يـمـر عـلى أمتنا الإسلامية في وقتنا الحاضر إلا ويحمل معه جرحًا جديدًا في جسدها يُضاف إلى جراحاتها السابقة.. فعام لأفغانستان، وعام للشيشان وآخر للعراق، أما فلسطين فجرحها يتجدد باستمرار ويزداد عمقا بمرور الأيام. هذه الجراحات كانت تحدث بالأمس في جسد الأمة ولا يكاد يشعر بها أحد، أما اليوم فالوضع يختلف، فمع انتشار الفضائيات ووسائل الاتصال أصبح من السهل على كل مسلم أن يشاهد ما يحدث لإخوانه المسلمين المضطهدين في شتى بقاع الأرض من تقتيل وتشريد وإذلال وانتهاك للحرمات، مما يحرك الدمع في المقل ويعلق الأبصار بالسماء، ويطلق الألسنة بالدعاء.. تسأل المولى عز وجل أن يكشف الغمة، ويفرج الكرب، ويُنزل نصره الذي طال انتظاره .. لسان حالها يقول:
هل من نهاية لما نحن فيه؟
هل لهذا الليل من آخر؟
متى نصرك يا الله ؟
ورغم الدعاء والتضرع والاستغاثة بالله عز وجل فإن الوضع مستمر على ما هو عليه، بل يزداد سوءا في بعض الأماكن، مما حدا بالبعض لأن يتساءل: لماذا يتركنا الله هكذا أضيع من الأيتام
أين أثر دعوات الثكالى والمظلومين من المسلمين في كل مكان ؟
إن لم يكن الآن فمتى - إذن - يكف الله بأس هؤلاء الذين كفروا؟
........هذه الأسئلة وغيرها تتردد في أذهان الكثير من أبناء الأمة، منطلقة من يقينها بأن الله عز وجل قادر على تغيير ما نزل بساحتنا وحاق بنا في لمح البصر... أليس هو القائل:
﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾
[يس: ۸۲]
... أليس هو سبحانه الذي أغرق فرعون وجنده، وأهلك عادا وثمود؟
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾
[الفجر: ٦-١٤]
... أليس هو - سبحانه وتعالى - الذي استنصره نوح عليه السلام فاستجاب له ونصره نصرا مؤزرا:
﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُبُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءٌ لَّنْ كَانَ كُفِرَ﴾
القمر: ١١-١٤
فلماذا إذن لا ينصرنا الله عز وجل وقد بحت أصواتنا بدعائه ؟ لماذا تأخر المدد الإلهي ونحن في مسيس الحاجة إليه اليوم قبل الغد؟ فإن قيل: إن هذا المدد لا يتنزل إلا على من يستحقه.. كان السؤال: فما المطلوب منا أن نفعله لنكون أهلا له؟
اين نضع نقطة البداية لطريق النصر والتغيير ؟ وكيف نبدأ؟ حول الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها كانت هذه الصفحات. والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.
﴿سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾
[البقرة: ٣٢]
على مائدة اللثام ؟
لماذا لا يستجيب الله دعاءنا ويرفع عنا هذا الذل والهوان؟