القرآن والنفس
تشكل النفس أكبر عائق في طريق إخلاص العمل الله عز وجل، فهي تحاول دوما أن يكون لها نصيب من كل فعل يقوم به الإنسان استيفاء الحظوظها، وإرواء لشهواتها التي لا تنطفئ.. هكذا خلقها الله عز وجل.
ومن وسائلها في نيل حظوظها سعيها لعلو منزلتها عند الناس كي يمدحوها ويعظموها، وذلك عن طريق تعريفهم بالأعمال الصالحة التي تقوم بها. ومن وسائلها كذلك تضخيم العمل في عين صاحبها بعد قيامه به، فتزين له العمل وأنه يستحق به الدرجات العلى عند ربه، وأنه قد أصبح مميزا عن أقرانه بهذا العمل !!
ومنها: أنها تشعر صاحبها بأن إمكاناته ومواهبه ملك ذاتي له، متى استدعاها وجدها واستعان بها على ما يريد فعله، فتصور له مثلا أن ذكاءه ذكاء ذاتي يستطيع أن يغلب به غيره وقتما شاء... وتصور له أنه سريع الحفظ، وأنه يمكنه متى شاء أن يحفظ أي كلام يريد حفظه في وقت قصير، فيتولد عن ذلك إعجاب المرء بنفسه، ومن ثم غروره بها وتكبره على الآخرين.
والنفس محبوبة، وما تدعو إليه محبوب من هنا تبرز صعوبة مجاهدتها وإلزامها التجليب بجلباب العبودية الله عز وجل، ومع ذلك؛ فإن القرآن الكريم قادر بإذن الله على الانتصار في هذه المعركة. وتكمن طريقة القرآن الفريدة في التعامل مع النفس من خلال محورين رئيسين هما: معرفة الله، ومعرفة النفس، مع ممارسة مقتضى تلك المعارف.