الخلاصة
وخلاصة القول: إن السر الأعظم لمعجزة القرآن يكمن في قدرته على تغيير أي شخص يدخل إلى دائرة تأثيره الحقيقية فيعيد تشكيله من جديد وذلك من خلال النقاط التالية:
أولاً: تغيير أفكاره وتصوراته الخاطئة عن مفردات الحياة، وإرساء قواعد التصور الإسلامي الصحيح في عقله الباطن؛ لينبني بذلك اليقين الصحيح داخله:
﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ﴾
[الحاقة: ١ ٥]
ثانياً : كلما تغيرت الأفكار والتصورات تغيرت الاهتمامات، ليصبح هم الفرد وأحلامه وتطلعاته فيما يُرضي الله عز وجل.
ثالثا: عندما تتغيير الاهتمامات تتغير طريقة تعامل الشخص مع كل من حوله، فتصغر الدنيا في عينيه، فلا تراه يتنافس مع المتنافسين في أمورها .. يُربي أولاده على حب الله والتعلق به يتعامل مع زوجته وأهله من منطلق إيماني يسعى فيه لرضا الله عز وجل.
رابعا: ومن صور التغيير القرآني أنه يُشعر صاحبه بقيمته في الكون، وأنه قائده فينطلق فيه فاتحا مستكشفًا لأسراره، منتفعا بقوانين تسخيره له.
خامسا : والقرآن كذلك يضبط الفهم، ويقوم بتكوين الشخصية المعتدلة المتوازنة التي تعطي كل ذي حق حقه، وتعرفها كيفية ترتيب الأولويات.
سادسا: ومن أهم صور التغيير القرآني أنه يوقد شعلة الإيمان بالقلب ويوطده فيه ويطرد منه الهوى.. وكلما ازداد الإيمان ازداد الدافع لفعل الصالحات.
سابعا : ويستمر القرآن في زيادة الإيمان إلى أن يُحرر القلب من الهوى، لينطلق به إلى السماء قلبا ربانيا موصولا بالله عز وجل، ويكون دوما في سير إليه - سبحانه - من خلال تقلبه في ألوان عبوديته له من حب ورجاء وتوكل وإنابة وإجلال وخشية ......
ثامنا: والقرآن يولد الطاقة ويقوي العزيمة في قلب صاحبه، مما يدفعه إلى العمل على تصريف تلك الطاقة بالقيام بأعمال البر المختلفة دون انتظار التوجيه من أحد، فكلما فتح له باب من أبواب الخير سارع بالولوج إليه، فتراه مجاهدا مع المجاهدين، وداعية مع الدعاة.. خير زوج لزوجته، وخير أب لأبنائه، وجار لجيرانه.
تاسعا: ومن أعظم صور التغيير القرآني أنه يُعرف صاحبه بالله عز وجل، فيعظم قدره عند مما يزيده إخلاصا له، وصدقا في التوجه إليه، وربطا الأحداث الحياة به سبحانه فهذه وغيرها صور التغيير الذي يُحدثه القرآن في الشخص الذي يُحسن الإقبال عليه، ويُسلم له قياده؛ ليصبح من خلاله شخصا آخر قد ارتدى رداء العبودية الله، وبدأ في ممارسة الوظيفة التي نزل على الأرض من أجل القيام بها،
قال تعالى:
﴿إن هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ﴾
[التكوير: ۲۸،۲۷]
عاشرا: والقرآن كذلك يعرفنا بحجم أنفسنا وقيمتها وخطورتها، فتصغر في أعيننا وتتحطم أصنامنا، ليجد العمل الصالح بعد ذلك طريقه إلى الله عز وجل يزينه الصدق والإخلاص.