فضل أهل الإيمان (33)
فضل أهل الإيمان :
35- أهل الإيمان يرفعهم الله- تعالى- فوق الناس درجات في الدنيا والآخرة:
قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ (المجادلة: 11) فأهل الإيمان أعلى خلق الله درجات، وقد نالوا هذه الرفعة والمكانة العالية بإيمانهم وعلمهم ويقينهم.
يقول القرطبي -رحمه الله- في" تفسيره الجامع لأحكام القرآن 8/6469" :
وقوله تعالى:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ (المجادلة: 11) أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن، والعالم على من ليس بعالم، وقال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : مدح الله العلماء في هذه الآية والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم "درجات" أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به. وقال يحيى بن يحيى عن مالك- رحمه الله-: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ﴾ الصحابة ﴿وَالَّذِينَ أوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ يرفع بها العالم والطالب للحق. والعموم أوقع في المسألة، وأولى بمعنى الآية، فيرفع المؤمن بإيمانه أولاً، ثم بعمله ثانياً. أهـ
ويقول ابن القيم -رحمه الله- في" كتابه الفوائد ص138": أفضل ما اكتسبته النفوسُ وحصلته القلوبُ، ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة هو العلم والإيمان، ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ﴾ (الروم: 56) وقوله: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة: 11). أهـ
وقال تعالى إشارة إلى رفعة الآخرة: ﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ (البقرة: 212).
وقال تعالى: ﴿ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ (الأنفال:4).
وأخرج الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق إلى المغرب، لتفاضل ما بينهم". قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى. والذي نفس محمد بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ".