السؤال عن الحكمة
تلمس المؤمن للحِكمة من أجل رفع مستوى إيمانه ويقينه لا بأس به، ولا زال أهل العلم يتلمسون الحكم في بعض الأحكام الشرعية والقدرية، فإن ظهر لهم شيء ذكروه من أجل زيادة الإيمان واليقين، وإن لم يظهر لهم شيء سلموا بأن الحكمة في حكمه تعالى الشرعي والقدري.
أما السؤال عن الحكمة للمنازعة والاعتراض، فهذا من أسباب الضلال وسوء الظن بالله تعالى.
قال ابن القيم رحمه الله: "فإن ورد الشرع بذكر حكمة الأمر، أو فقهها العقل: كانت زيادة في البصيرة والداعية في الامتثال، وإن لم تظهر له حكمته، لم يوهن ذلك انقياده ولم يقدح في امتثاله، فالمعظم لأمر الله يجري الأوامر والنواهي على ما جاءت، لا يعللها بعلل توهنها وتخدش في وجه حسنها، فضلا عن أن يعارضها بعلل تقتضي خلافها" انتهى من "الصواعق المرسلة" (2/ 1131).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "أما السؤال عن الحكمة من باب الاسترشاد: فإن هذا لا بأس به؛ ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عن حكمة بعض الأشياء، كما في قوله تعالى: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" [البقرة: 189]؛ والسؤال على هذا الوجه من باب طلب العلم الذي يزداد به المؤمن إيماناً، وعلماً؛ وأما السؤال عن الحكمة بحيث لا يستسلم الإنسان للحُكم، ولا ينقاد إلا بمعرفتها: فهذا ضلال، واستكبار عن الحق، واتباع للهوى، وجعل الشريعة تابعة لا متبوعة" انتهى من "تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة" (1/ 133).