الثاني: الحسن البصري رضي الله عنه يصف أهل الليل
أهل الليل قوم اختصهم الله تعالى بكرامته من بين خلقه، وما أحسن ما وصفهم به الحسن البصري رضي الله عنه، روى المروزي في قيام الليل عن الحسن، قال أهل الليل:( ليلهم خير ليل، فقال:(والذين بيون لربهم سجدا وقياما)[1] ينتصبون لله على أقدامهم، ويفترشون وجوههم سجدا لربهم، تجري دموعهم على خدودهم؛ فرقا من ربهم لأمر ما سهروا ليلهم، ولأمر ما خشعوا نهارهم، قال: صدق القوم _ والله الذي لا إله إلا هو؛ فاعملوا، وأنتم تتمنون، فإياكم وهذه الماني_ رحمكم الله؛ فإن الله لم يعط عبدا أمنيته خيرا في دنيا ولا اخرة، وكان يقول: يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة قال: لقد صحبت أقواما يبيتون لربهم في سواد هذا الليل سجدا وقياما، يقومون هذا الليل على أطرافهم، تسيل دموعهم على خدودهم، فمرة ركعا، ومرة سجدا، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، لم يملوا طول السهر؛ لما خالط قلوبهم من حسن الرداء في يوم المرجع فأصبح القوم بما أصابوا من النصب لله تعالى في أبدانهم فرحين، وبما يأملون من حسن ثوابه مستبشرين، فرحم الله امرأ نافسهم في مثل هذه الأعمال، ولم يرض لنفسه من نفسه بالتقصير في أمره، واليسير من فعله، فإن الدنيا عن أهلها منقطعة، والأعمال على أهلها مردودة ثم يبكي حتى تبتل لحيته بالدموع)[2]
المراجع
- الفرقان:64.
- مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر، للمروزي، اختصار أحمد بن علي المقريزي:42/1