مشاهد من ليل عتبة الغلام رضي الله عنه
وهذا العبد الزاهد، المحب لله تعالى، عتبة الغلام رضي الله عنه ليس له هم إلا محبة الله تعالى، وليس له شغف إلا فيها؛ فعن محمد بن فهد المديني، قال:" كان عتبة يصلي هذا الليل، فإذا فزع رفع رأسه، فقال: سيدي؛ إن تعذبني فإني أحبك، وإن تعف عني فإني أحبك" (1).
وعن سليم النحيف، قال: "رمقت عتبة ذات ليلة فما زاد ليلته تلك على هذه الكلمات: إن تعذبني فإني لك محب، وإن ترحمني فإني لك محب، قال: لم يزل يرددها ويبكي حتى طلع الفجر" (2).
وعن مسلم بن عرفجة العنبري، قال: "سمعت عنبسة الخواص، يقول: كان عتبة يزورني، فربما بات عندي، قال: فبات عندي ذات ليلة، فبكى من السحر بكاء شديدًا، فلما أصبح قلت له: قد فزعت قلبي الليلة ببكائك، ففيم ذاك يا أخي؟ قال: يا عنبسة إني - والله - ذكرت يوم العرض على الله، ثم مال ليسقط؛ فاحتضنته، فجعلت أنظر إلى عينيه يتقلبان، قد اشتدت حمرتهما، فناديته عتبة، عتبة، فأجابني بصوت خفي: قطع ذكر يوم العرض على الله تعالى أوصال المحبين، قال: ويردده ثم جعل يحشرج البكاء، ويردده حشرجه الموت، ويقول: تراك مولاي تعذب محبيك، وأنت الحي الكريم. قال: فلم يزل يرددها حتى والله أبكاني " (3).
وعن أبي عبدالله الشحام، قال: "كان عتبة يبيت عندي، قال: فكان يبيت في بيت وحده، قال عبدالله: فقلت له: كانت عبادته، قال: كان يستقبل القبلة، فلا يزال في فكر وبكاء حتى يصبح" (4).
وعن عثمان بن عمارة، قال عتبة: "من سكن حبه قلبه فلم يجد حرًا ولا بردًا، قال عبد الرحيم: يعني من سكن حب الله قلبه شغله حتى لا يعرف الحر من البرد، ولا الحلو من الحامض ولا الحار من البارد" (5).
المراجع
1- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم: 235/6
2- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم: 235/6
3- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم: 235/6
4- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم: 235/6
5- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم: 235/6