وجوب الإيمان بالله وفضله وحقيقته
(1)1- وجوب الإيمان بالله عز وجل:
خلق الله جميع الناس لأجل توحيده وعبادته
قال تعالى:
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"
([2])
ولذلك فقد هيأ سبحانه كل ما في الكون وسخره لمصلحة الإنسان ومن رحمة الله عز وجل أنه لم يترك الإنسان بلا إرشاد وبيان لطريق الحق ولذا فقد بعث الرسل وأنزل الكتب منذ عهد نوح عليه السلام حتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . والعبادة لا تكون إلا على بصيرة والبصيرة لا تكون إلا وفق منهج الله عز وجل الذي رسمه لأنبيائه ورسله عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين. وإذا فقد الإنسان عنصر الإيمان بالله تعطل استخدامه للعقل وأصبح أقل منزلة من الحيوانات
قال تعالى:
"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ"
([3])
من هنا دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فمن لم يجب من أهل الكتاب قوتل حتى يؤمن أو يدفع الجزية تنفيذاً
لقوله تعالى:
"قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ"
([4])
وقوله تعالى
"فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ"
([5])
وقوله:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ"
([6])
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه
"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله"
([7])
وأما الكفار من غير أهل الكتاب فيدعون إلى الإسلام ومن لم يجب قوتل أو يسلم.
والعلم بلا إله إلا الله المبني على التصديق والعمل جزاؤه الجنة يوم القيامة والسعادة الدائمة
لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه
"من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة"
([8])
قال العلماء الإيمان قول وتصديق وعمل. والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والعلم بلا إله إلا الله يعني تصديق القلب بها والعمل بمقتضاها.
2- فضل الشهادتين:
وقد ورد في فضل هاتين الشهادتين أحاديث كثيرة تتضمن الشهادة بالجنة، فمن ذلك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل"
([9])
وفي رواية
"أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء"
رواه البخاري ومسلم
وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"
رواه مسلم في صحيحه
إلى غير ذلك من النصوص التي تدل على فضل الإتيان بهاتين الكلمتين حيث رتب على ذلك دخول الجنة وفتح أبوابها الثمانية، والتحريم على النار. وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن نوحاً عليه السلام قال لابنه عند موته: آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ولا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لفصمتهن لا إله إلا الله"
رواه أحمد في مسنده والحاكم وصححه الذهبي
وروى الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو
حديث صاحب البطاقة الذي يدعى يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلاً - يعني من السيئات - ثم يخرج له بطاقة فيها (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله) فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة
رواه الترمذي في سننه وحسنه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم
وروى ابن حبان والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"قال موسى لربه لا إله إلا أنت إنما أريد شيئاً تخصني به قال يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله"
([10])
ومع ذلك لابد من تحقيق هذه الكلمة العظيمة والعمل بمقتضاها لأن هذه أحاديث مطلقة تقيدها الأحاديث الأخرى التي تأمر بالإخلاص والصدق والمحبة وغير ذلك مما سيرد في شروط لا إله إلا الله.
3- حقيقة لا إله إلا الله:
[ومعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا إله واحد وهو الله وحده لا شريك له]([11]) والشهادة معناها الإقرار بالعلم والإخبار والبيان والاعتراف والاعتقاد بالله وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم الذي قرن الله الاعتراف به مع هذه الكلمة العظيمة ولذلك يجب التمسك بها مهما كانت النتائج
لحديث أنس
"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله تعالى، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار"
([12])
وبقدر الالتزام بكلمة التوحيد ومقتضياتها يكون الالتزام بالحق مع الناس كافة ويكون الإخلاص في جميع الأعمال ويكون التحرر من الأمراض النفسية وتكون الاستقامة في المنهاج مما يعتبر أثراً من آثارها.
وتتغير حياة الإنسان والمجتمع بقدر موقفه من هذه الكلمة العظيمة والعمل بمقتضاها
لقوله تعالى:
"إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"
([13])
والإيمان الصحيح كما قال أهل العلم اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح ويزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وأركانه ستة سبق بيانها.
وله بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان.
ويتفاوت الناس في العمل والقول والاعتقاد. والمؤمن الحق من تواطأ قلبه مع لسانه وصدقه العمل.
ومما لا شك فيه أن الذي لا يعمل بمقتضى لا إله إلا الله بصدق وإخلاص لا ينفعه التلفظ بها، فمعنى شهادة أن لا إله إلا الله الإقرار بأنه لا يستحق العبادة إلا الله، وأن كل معبود سواه باطل
قال تعالى:
"ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ "
سورة لقمان آية 30
ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن تفرد الله بالعبادة فلا تعبد معه أحداً، فإذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله فقد أعلنت البراءة من كل معبود سوى الله، والتزمت بعبادة الله وحده وفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه([14]).
ولذلك فإن الشرك في عبادة الله وما يتبعه من دعاء الأموات والاستعانة بهم والنذر والذبح لهم، وجعل الوسائط بين المسلم وبين الله يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم يعارض معنى لا إله إلا الله ويقدح في هذه الشهادة المقتضية للعلم والاعتقاد والالتزام.
وشهادة أن محمداً رسول الله هي اعتقاد العبد برسالته صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين - الإنس والجن - وأنه يجب امتثال أمره واجتناب نهيه، وهذا لا يتأتى إلا بطاعته ومحبته والسير على نهجه وتفضيله على النفس والولد والناس أجمعين.
وشهادة التوحيد أصل دين جميع الرسل
كما قال عز وجل:
"وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ"
(الأنبياء آية/ 25)
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
ليس للقلوب سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه، ولا تمكن محبته إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه، وهذا حقيقة لا إله إلا الله، وهي ملة إبراهيم الخليل عليه السلام وسائر الأنبياء، والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين([15]) والله أعلم.
4- شروط لا إله إلا الله:
لا شك أن كلمة التوحيد هي عنوان الدخول في الإسلام وتعتبر مفتاح الجنة وقد جعلها الله من أسباب النجاة من النار. ولذلك بين الرسول صلى الله عليه وسلم تحريم دخول النار على من أتى بالشهادتين
فقال صلى الله عليه وسلم :
"ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة"
([16])
وغير ذلك من الأحاديث المماثلة المطلقة، ولا شك أن شهادة التوحيد هذه سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، لكن هذا السبب لا يعمل عمله إلا باجتماع شروطه وانتفاء موانعه. وهذا قول الحسن البصري ووهب بن منبه رحمهما الله وغيرهما من أهل العلم وقد قيل للحسن البصري رحمه الله أن ناساً يقولون من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة فقال: "من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة" وهو قول حق لأن المنافقين يقولونها وقد أخبر الله عنهم أنهم في الدرك الأسفل من النار.
وقيل لوهب بن منبه أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال: بلى ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك([17]). وقد قرن الله تعالى في القرآن دخول الجنة بالأعمال الصالحة
فقال تعالى:
"وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدِّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"
(18)
كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرن أيضاً: دخول الجنة بالأعمال الصالحة في كثير من الأحاديث فقد قال لرجل سأله عن عمل يدخله الجنة
"تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم"
([19])
وقال لآخر
"تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان"
([20])
وكل ما جاء من نصوص مطلقة في دخول الجنة بـ "لا إله إلا الله" فهو محمول على هذه النصوص التي تجمع بين التوحيد وعمل الصالحات.
ومن المعلوم أن المطلق يحمل على المقيد فإذا جاءت نصوص مطلقة وجاءت نصوص أخرى مقيدة متحدة في الحكم فإنه يحمل النص المطلق على المقيد ومن هذه الأحاديث المقيدة استنبط العلماء شروطاً لابد من توافرها مع انتفاء الموانع حتى تكون كلمة لا إله إلا الله مفتاحاً للجنة بالفعل ومؤثرة فيالعمل والسلوك
فمن هذه الشروط التي بينها أهل العلم وتسمى شروط لا إله إلا الله:
1-العلم المنافي للجهل: فيجب أن تعلم معنى لا إله إلا الله علماً منافياً للجهل بها يعرف به مدلول النفي والإثبات، فهي تنفي الألوهية عن غير الله تعالى وتثبتها له سبحانه فلا معبود بحق إلا الله والدليل
قوله تعالى:
"فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ"
([21])
وقوله تعالى:
"إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ"
([22])
وفي الصحيحين
"من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة"
([23])
وقد وقع المشركون في مخالفة معناها فقالوا:
"أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا"
([24])
.
2- اليقين المنفي للشك: فلا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين بل لابد من أن يكون القلب موقناً بها ومصدقاً ومبتعداً عن الشك والريب والظن وإن لم يحصل ذلك فهذا هو النفاق
قال تعالى:
"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"
([25])
وفي صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة" وفي حديث آخر "مستيقناً بها قلبه"
وقال القرطبي:([26]) "باب لا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين بل لابد من استيقان القلب إلخ وذكر البخاري عن ابن مسعود قوله: الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله".
3- القبول المنافي للرد لما اقتضته هذه الكلمة
لقوله تعالى:
"إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ"
([27])
فمن رد دعوة التوحيد ولم يقبلها كبراً وحسداً فهو كافر سواء كان استكباراً أو عناداً أو غير ذلك من أسباب الرفض كحال بعض علماء أهل الكتاب.
4- الانقياد المنافي للترك، ويتحقق ذلك بمتابعة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله وتحكيم شرعه
صلى الله عليه وسلم :
"لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"
([28])
وهذا هو تمام الانقياد
وقال تعالى:
"فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"
([29])
قال ابن كثير رحمه الله: في تفسيرها (يقسم الله بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً) إلخ، والانقياد هو الاستسلام والإذعان وعدم التعقب لشيء من أحكام الله.
5- الصدق المنافي للكذب حيث يجب أن يواطئ القلب اللسان فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم ولكن لم يطابق هذا القول ما في قلوبهم فصار قولهم كذباً ونفاقاً وخداعاً
قال تعالى:
"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ".
([30])
6- وفي الصحيحين
"ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار"
وأما من قالها بلسانه وأنكر مدلولها بقلبه فإنها لا تنجيه.
7-قال ابن القيم رحمه الله: (التصديق بلا إله إلا الله يقتضي الإذعان والإقرار بحقوقها وهي شرائع الإسلام التي هي تفصيل هذه الكلمة بالتصديق بجميع أخباره وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فالمصدق بها على الحقيقة هو الذي يأتي بذلك كله، ومعلوم أن عصمة المال والدم على الإطلاق لم تحصل إلا بها وبالقيام بحقها وكذلك النجاة من العذاب على الإطلاق لم تحصل إلا بها)([31]) وقال ابن رجب: أما من قال لا إله إلا الله بلسانه ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعله قوله ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى
"وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللهِ"
([32]). اهـ.
8-الإخلاص المنافي للرياء: وهو البراءة من الشرك وشوائبه
لقوله تعالى:
"وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ"
(33)
وفي صحيح البخاري
"أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه" أو قال (نفسه)
([34])
والإخلاص أن تكون العبادة لله وحده دون أن يصرف منها شيء لغيره.
9-المحبة المنافية للبغض: وهي أن يحب هذه الكلمة ويحب أهلها العاملين بها ويحب العمل بمقتضاها. وعلامة ذلك تقديم محبتها على محبة غيرها وموالاة أهلها ومعاداة أعدائها وفي الحديث الشريف
"ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"
([35])
. والله أعلم([36]).
المراجع
- أصول المنهج الإسلامي ص19.
- سورة الذاريات آية 56.
- سورة الأعراف آية 179.
- سورة التوبة آية 29.
- سورة محمد آية 19.
- سورة النساء آية 136.
- الصحيحين.
- صحيح مسلم.
- متفق عليه.
- رواه الحاكم في مستدركه وصححه الترمذي وحسنه.
- تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد ص53.
- رواه الخمسة إلا أبا داود.
- سورة الرعد آية 11.
- د. صالح الفوزان - الخطب المنبرية.
- مجموع فتاوى ابن تيمية ج 28/32 جمع عبد الرحمن بن قاسم ط الأولى مطبعة الحكومة 1381 هـ.
- قطعة من حديث أخرجه البخاري في اللباس ومسلم في الإيمان.
- رواه البخاري تعليقاً في كتاب الجنائز باب من كان آخر كلامه لا إله إلا الله ج 3/109.
- سورة آل عمران آية 133 – 134.
- أخرجه البخاري في الأدب ومسلم في الإيمان.
- أخرجه البخاري في الزكاة ومسلم في الإيمان.
- سورة محمد آية 19.
- سورة الزخرف آية 86.
- والحديث روي في صحيح مسلم.
- سورة ص آية 5.
- سورة الحجرات آية 15.
- فتح المجيد ص36.
- سورة الصافات آية 35 ، 36.
- حديث صحيح رواه النووي في الأربعين وصححه.
- سورة النساء آية 65.
- سورة البقرة الآيات 8 – 10.
- التبيان في أقسام القرآن ص43.
- سورة القصص آية 50.
- سورة البينة من آية 5.
- صحيح البخاري في باب العلم.
- رواه البخاري ومسلم.
- الثامن من شروط كلمة التوحيد الكفر بما يعبد من دون الله. قال صلى الله عليه وسلم : "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل" رواه مسلم في صحيحه.