تابع مداخل الشيطان على القلب
تابع مداخل الشيطان على القلب .
ذكرنا في المقال السابق ثلاثة مداخل للشيطان على قلوب العباد :
(1) التزيين .......(2) التلبيس .............(3) التسويف .
ونستكمل هذه المداخل :
(4) تهوين المعصية:
قال تعالى :" وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " [النور :15]
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، أنه ذكر عمر وأبا بكر ابني المنكدر قال : « لما حضر أحدهما الموت بكى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ إن كنا لنغبطك بهذا اليوم ، قال : أما والله ما أبكي أن أكون ركبت شيئا من معاصي الله اجتراء على الله ، ولكني أخاف أن أكون أتيت شيئا هينا وهو عند الله عظيم . [ المحتضرين لابن أبي الدنيا ص (236) ]
فيأتي الشيطان الإنسان فيقول له لماذا تتوب ؟ وماذا فعلت حتى تتوب أنت بالنسبة لغيرك من خيار الناس إنما التوبة لأصحاب المعاص الكبيرة وأنت لست منهم فيهون عليه المعصية.
(5) تصعيب الأمر على الإنسان بعد التوبة :
فالشيطان والنفس يحملان على التثاقل والتسويف واستصعاب الأمر ليصدا عن سبيل الله ،
فتجد الشيطان يقول لك : التوبة تحتاج إلى استقامة، والاستقامة شاقة على النفس ، ثمَّ لماذا تتوب وتُحمل نفسك ما لا تطيق ؟ أنت أفضل كثيرا من غيرك ، والإيمان في القلوب ، لماذا تتشدد ؟ لماذا تفقد صحبتك ؟ إنَّ الناس سيسخرون منك وهكذا .
وقد حذرنا الله تعالى من هذا التثاقل ، وقد قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ "[ التوبة :38 ]
(6) التيئيس :
الإنسان بطبعه يميل للقنوط واليأس ، لاسيما عند المصائب والشدائد ، قال تعالى :" وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ " [ هود : 9 ] وقال " لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ "[فصلت :49]
فيستغل الشيطان ذلك فيأتي الإنسان فيقول : إنَّ الله لا يقبل توبة من كانت ذنوبه كثيرة كذنوبك ، كيف يقبل الله توبتك وأنت الذي فعلت كذا وكذا ؟ ويذكره بكل معصية كان يفعلها.
والواجب العملي :
(1) قال صلى الله عليه وسلم : "إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه " [ رواه أحمد وصححه الألباني]
فإياك واحتقار النظرة والكلمة فكلما استصغرت الذنب كبر عند الله .
(2) لا تنس أنَّ الله على كل شيء قدير ، وتذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا و أنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا " " أي يجعل العسير يسيرا .
(3) إياك واليأس فإنه علامة سوء الظن بالله ، وقد قال الله تعالى :" وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ " [ يوسف :87] وتذكر أنَّ الله تعالى هو الذي يرزق من حيث لا تحتسب ، وهو القائل : "وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ" [الشورى :28]
فخذ جرعات الأمل والرجاء وحسن الظن بالله ، فأحبط الإحباط ..