اليقين بالله


الشيخ محمد المختار الشنقيطي

إخواني في الله! أحمد الله تبارك وتعالى أن جمعني بكم في هذا البيت المبارك من بيوت الله، وبعد هذه الفريضة من فرائض الله، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل هذا الاجتماع اجتماعاً مرحوماً، وأن يجعل التفرق من بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً.

 

أيها الأحبة في الله! ما أطيب المجالس إذا طُيبت بذكر الله، وما أطيب الساعات واللحظات إذا عُمرت بطاعة الله، وما الذي يأخذه العبد من هذه الدنيا غير مجلس جلسه لذكر الله أو خصلة طاعة بينه وبين الله، فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعمر مجالسنا ومجالسكم بذكره، والإنابة إليه وحبه وشكره.

 

 

وفي المؤمن وفاء لربه وحب لخالقه، فما ذكِّر بالله إلا انشرح صدره، ولا ذُكر الله عنده إلا اطمأن قلبه، أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] ، ولذلك كان بعض العلماء رحمهم الله يقولون: إذا أراد الإنسان أن يعرف مقدار إيمانه بالله، فلينظر إلى حال قلبه إذا جلس في مجالس ذكر الله، فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل دلائل الإيمان في تلك المجالس تفوح من ذكره وشكره.

 

 

أيها الأحبة في الله! وأطيب ما تطيب به المجالس أن يعرف العبد ربه، فالحديث عن الله حديث يحرِّك القلوب إلى الله، ويشوِّق أرواح المؤمنين إلى حب الله، وما ذكِّر مؤمن بالله إلا تعلق قلبه بالله، ولذلك قلوب المؤمنين موصوفة بالهجرة إلى رب العالمين، فقوالبها في الأرض ولكنها في السماء، فلا تنظر إلى آية من آيات الله إلا ذكرت الله، وكم نثر الله عز وجل في هذا الوجود من الشواهد والدلائل التي تدل على أنه الواحد المعبود! وكم نثر الله عز وجل في هذه الأرض وهذه السماوات من عبرٍ وحجج وآيات شهدت بأنه فاطر الكائنات!

 

 

الحديث عن الله هو أجلُّ الأحاديث وأطيبها عند الله، الحديث عن الله يطيب لكل مؤمن يؤمن بلقاء الله، وكلما عرف العبد ربه هابه وخافه، وكلما اقترب الإنسان من الله أحبه واشتاق إليه، وكم غرس الله في قلوب المؤمنين من حبه، والتعلق به، تبارك إله الأولين والآخرين.

 

 

حديثنا اليوم عن خصلة من خصال المؤمنين، وخلة لعباد الله المحسنين، خلة قامت لها السماوات والأرض، وشهدت بها سماوات الله وأرضه، ألا وهي (اليقين بالله)، فكل ما في هذا الكون ليله ونهاره، صباحه ومساؤه، يذكرك فيقول لك بلسان الحال والمقال: لا إله إلا الله.

 

 

ما أظلم الليل إلا وذكرك بمن أظلمه، ولا أضاء النهار إلا وذكرك بمن أضاءه، ولا جاءت ظلمة الليل تغطي ضياء الشمس، وتلألأت -في ظلامه- كواكبه إلا قالت بلسان الحال والمقال: لا إله إلا الله. يقبل الليل على النهار فلا يختلط الليل بالنهار، ولا يختلط منه عشيٌ بإبكار، تبارك الله الواحد القهار، كل ما في هذا الكون يقودك إلى اليقين، حتى تتعلق بإله الأولين والآخرين، وصدق الله عز وجل إذ يقول في كتابه المبين: وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ [الذاريات:20].

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ اليقين بالله

  • مما يثمره اليقين: التوكل على الله عز وجل

    الشيخ / خالد بن عثمان السبت

    * السابع: من ثمرات اليقين: أن البلاء يصير عند من استكمل اليقين نعمة، والمحنة منحة:قال سفيان بن عيينة:'من لم

    03/04/2018 3326
  • الأمور التي تنافي اليقين

    الشيخ / خالد بن عثمان السبت

    عاشراً: الأمور التي تنافي اليقين: وأعظم ذلك أن يكون القلب متطلعاً إلى غير الله عز وجلّ، متعلقاً به، ملتفتًا إليه،

    04/04/2018 2886
  • حسن الظن هو قوة اليقين

    فريق عمل الموقع

    حسن الظن بالله تعالى؛ هو قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده من سعة كرمه ورحمته، ورجاء حصول ذلك. فعَنْ أَبِي

    26/09/2018 2514
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day