بيان أن المنفعة والمضرة لا تكون إلا من الله وحده
بيان أن المنفعة والمضرة لا تكون إلا من الله وحده
وجماع هذا أَنك إِذا كنت غير عالم بمصلحتك ولا قادر عليها ولا مريد لها كما ينبغى فغيرك أَولى أَن لا يكون عالماً بمصلحتك ولا قادراً عليها ولا مريداً لها، والله سبحانه هو يعلم ولا تعلم ويقدر ولا تقدر، ويعطيك من فضله لا لمعوضة ولا لمنفعة يرجوها منك، ولا لتكثر بك ولا لتعززَّ بك ولا يخاف الفقر ولا تنقص خزائنه على سعة الإِنفاق، ولا يحبس فضله عنك لحاجة منه إِليك واستغناه بحيث إِذا أَخرجه أَثر ذلك فى غناه، وهو يحب الجود والبذل والعطاءَ والإِحسان أَعظم مما تحب أَنت الأَخذ والانتفاع بما سأَلته، فإِذا حبسه عنك فاعلم أَن هناك أمرين لا ثالث لهما: أَحدهما أن تكون أنت الواقف فى طريق مصالحك وأنت المعوِّق لوصول فضله إِليك وأَنت حجر فى طريق نفسك، وهذا هو الأَغلب على الخليقة، فإِن الله سبحانه فيما قضى قضى به أَن ما عنده لا ينال إِلا بطاعته، وأَنه ما استجلبت نعم الله بغير طاعته، ولا استديمت بغير شكره، ولا عوقت وامتنعت بغير معصيته، وكذلك إِذا أَنعم عليك ثم سلبك النعمة فإِنه لم يسلبها لبخل منه ولا استئثار بها عليك وإِنما أَنت المسبب فى سلبها عنك، فإِن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأَنفسهم: {ذَلِكَ بِأَنّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىَ قَوْمٍ حَتّىَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 53]، فما أُزيلت نعم الله بغير معصيته:
إِذا كُنْتَ فِى نِعْمَةٍ فَارْعَهَا فَإِنَّ المعاصِى تُزِيلُ النِّعَم
فآقتك من نفسك، وبلاؤك من نفسك، وأَنت فى الحقيقة الذى بالغت فى عداوتك، وبلغت من معاداة نفسك ما لا يبلغ العدو منك، كما قيل:
مَا يَبْلُغُ الأَعْدَاءُ مِنْ جَاهِلٍ مَا يَبْلُغُ الْجَاهِلُ مِنْ نَفْسهِ
ومن العجب أَن هذا شأْنك مع نفسك وأَنت تشكو المحسن البريء عن الشكاية، وتتهم أَقداره وتعانيها وتلومها، فقد ضيعت فرصتك وفرطت فى حظك، وعجز رأَيك عن معرفة أَسباب سعادتك وإِرادتها، ثم قعدت تعاتب القدر بلسان الحال والقال، فأَنت المعنى بقول القائل:
وعاجز الرأَى مضياع لفرصته حتى إِذا فات أَمر عاتب القدرا
ولو شعرت برأْيك، وعلمت من أَين دهيت ومن أَين أُصبت، لأَمكنك تدارك ذلك، ولكن قد فسدت الفطرة وانتكس القلب وأَطفأ الهوى مصابيح العلم والإِيمان منه فأَعرضت عمن هو أَصل بلائك ومصيبتك منه وأقبلت تشكو من كل إِحسان دقيق أَو جليل وصل إِليك فمنه فإِذا شكوته إِلى خلقه كنت كما قال بعض العارفين- وقد رأَى رجلاً يشكو إِلى آخر ما أَصابه ونزل به- فقال: يا هذا تشكو من يرحمك، إِلى من لا يرحمك.
وإِذا أَتَتْكَ مصيبة فاصبر لها صبر الكريم فإِنه بك أَرحم
وإِذا شكوت إِلى ابن آدم إِنما تشكو الرحيم إِلى الذى لا يرحم
وإِذا علم العبد حقيقة الأَمر، وعرف من أَين أُتى ومن أَى الطرق أُغير على سرحه ومن أَى ثغرة سرق متاعه وسلب استحى من نفسه- إِن لم يستح من الله- أَن يشكو أَحداً من خلقه أَو يتظلمهم أَو يرى مصيبته وآفته من غيره، قال تعالى {وَمَآ أَصَابَكُمْ مّن مّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30]، وقال: {أَوَ لَمّا أَصَابَتْكُمْ مّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنّىَ هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165]، وقال: {مّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نّفْسِكَ} [النساء: 79].
فإِن أَصررت على اتهام القدر وقلت: فالسبب الذى أُصبتُ منه وأُتيت منه ودهيت منه قد سبق به القدر والحكم وكان فى الكتاب مسطوراً، فلا بد منه على الرغم منى، وكيف لى أَن أَنفك منه وقد أُودع الكتاب الأَول قبل بدءِ الخليقة والكتاب الثانى قبل خروجى إِلى هذا العلم وأنا فى ظلمات الأحشاء حين أمر الملك بكتب الرزق والأَجل والسعادة والشقاوة فلو [جريت] إِلى سعادتى ما جريت حتى بقى بينى وبينها شبر لغلب على الكتاب فأَدركتنى الشقاوة، فما حيلة من قلبه بيد غيره يقلبه كيف يشاءُ ويصرفه كيف أَراد، إِن شاء أَن يقيمه أقامه، وإِن شاءَ أَن يزيغه أَزاغه، وهو الذى يحول بين عوارى المرءِ وقلبه، وهو الذى يثبت قلب العبد إِذا شاءَ ويزلزله إِذا شاءَ، فالقلب مربوب مقهور تحت سلطانه لا يتحرك إِلا بإِذنه ومشيئته،
قال أَعلم الخلق بربه صلوات وسلامه عليه: "ما من قلب إِلا وهو بين إِصبعين من أَصابع الرحمن، إِن شاءَ أَن يقيمه أَقامه، وإِن شاءَ أَن يزيغه أَزاغه"، ثم قال: "اللَّهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك"، وكان أَكثر يمينه: "لا ومقلب القلوب" وقال بعض السَلَف: "مثل القلب مثل الريشة فى أَرض فلاة تقلبها الرياح ظهراً لبطن"، فما حيلة قلب هو بيد مقلبه ومصرفه، [وقل] له مشيئة بدون مشيئته، كما قال تعالى: {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللّهُ رَبّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29]، وروى عن عبد العزيز ابن أبى حازم عن أَبيه عن سهل بن سعد قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله عَزَّ وجَلَّ: {أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} [محمد: 24]، وغلام جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بلى والله يا رسول الله، إِن عليها لأَقفالها، ولا يفتحها إِلا الذى أَقفلها. فلما ولَى عمر بن الخطاب طلبه ليستعمله وقال: "لم يقل ذلك إِلا من عقل"، قال طاوس: أدركت ثلاثمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر. وقال أَيوب السختيانى: أَدركت الناس وما كلامهم إِلا: إِن قضى، إِن قدر. وقال عطاءُ عن ابن عباس فى قوله تعالى:
{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} [الجاثية: 29]، قال: كتب الله أَعمال بنى آدم وما هم عاملون إِلى يوم القيامة. قال: والملائكة تستنسخ ما يعمل بنو آدم يوماً بيوم فذلك قوله: {إِنّ كُنّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية 29] وفى الآية قول آخر: إِن استنساخ الملائكة هو كتابتهم لما يعمل بنو آدم بعد أَن يعملوه وقد يقال وهو الأَظهر: إِن الآية تعم الأَمرين، فيأْمر الله ملائكته فتستنسخ من أُم الكتاب أَعمال بنى آدم ثم يكتبونها عليهم إِذا عملوها فلا تزيد على ما نسخوه من أُم الكتاب ذرة ولا تنقصها، وقال على بن أَبى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى: {إِنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]،
خلق الله الخلق كلهم بقدر، وخلق الخير والشر، فخير الخير السعادة وشر الشر الشقاوة. وفى صحيح مسلم عن أَبى الأسود الدؤلى قال: قال لى عمران بن حصين: أَرأَيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون، أَشيء قضى عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق، أَو فيما يستقبلون ممن أَتاهم به نبيهم وثبتت به الحجة؟ قال: قلت: لا، بل فيما قضى عليهم ومضى قال: أَفيكون ذلك ظلماً؟ قال: ففزعت فزعاً شديداً، وقلت: إِنه ليس شيء إِلا خلقه وملكه: {وَلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، فقال: سددك الله إِنما سَألتك لأُحرز عقلك. إن رجلاً من مزينة- أَو جهينة- أَتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أَرأَيت ما يعمل الناس ويتكادحون فيه، أشيء قضى عليهم ومضى، أو فيما يستقبلون مما أَتاهم به نبيهم؟ قال: فيما قضى عليهم ومضى. فقال الرجل: ففيم العمل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان خلقه الله لإِحدى المنزلتين فسيستعمله لها"، وتصديق ذلك فى كتاب الله عَزَّ وجَلَّ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَألْهَمَهَا فُجُ ورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7- 8]، وقال مجاهد فى قوله تعالى: {إِنَنِّى أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُون} [البقرة: 30]، قال: علم إِبليس المعصية وخلقه لها. وقال تعالى: {فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} [الأعراف: 30]، قال ابن عباس: إِن الله سبحانه بدأَ خلق ابن آدم مؤمناً وكافراً ثم قال: {هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِن} [التغابن: 2]، ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأَ خلقهم مؤمن وكافر.
وقال سعيد بن جبير: عن ابن عباس فى قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24]، قال: يحول بين المؤمن والكفر ومعاصى الله، ويجول بين الكافر والإِيمان وطاعة الله. وقال ابن عباس ومالك وجماعة من السَلَف فى قوله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118- 119]، قالوا: خلق أَهل الرحمة للرحمة، وأَهل الاختلاف للاختلاف. وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا} [البقرة: 253 {وَلَوْ شِئْنَا لاَتَيْنَا كُلّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة:13]، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} [يونس: 99]، {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَي} [الأنعام: 35]، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112]، وقال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مّنَ الْكِتَابِ} [الأعراف: 37] أَى نصيبهم مما كتب لهم. وقال: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِى قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: 200]، قال الحسن وغيره: الشرك والتكذيب. وقال تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِى سِجّين} [المطففين: 7]، قال محمد بن كعب القرظى: رقم الله سبحانه كتاب الفجار فى أَسفل الأَرض، فهم عاملون بما قدر رقم عليهم فى ذلكَ الكتاب ورقم كتاب الأَبرار فجعله فى عليين، فهم يؤتى بهم حتى يعملوا ما قدر رقم عليهم فى ذلك الكتاب. وقال ابن عباس: {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ} [المسد: 1]، بما جرى من القلم فى اللوح المحفوظ، وقال مجاهد فى قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنَ أَيْدِيَهِمْ سَدَّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدَّاً} [يس: 9]، قال: عن الحق. وفى قوله: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّة} [الإسراء: 46]، قال: فالجعبة فيها السهام، وقال ابن عباس فى قوله تعالى: {وأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْم} [الجاثية: 23]، قال: أَضله فى سابق علمه، وقال فى قوله تعالى حكاية عن عدوه إِبليس: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِى} [الأعراف: 16]، قال: أَضللتنى، وقال فى قوله: {مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 162- 163]، قال: من قضيت له أَنه صال الجحيم. وقال عمر بن عبد العزيز: لو أَراد الله أن لا يعصى لم يخلق إِبليس، وقد فصل لكم وبين لكم ما أَنتم عليه بفاتنين إِلا من قدَّر أَن يصلى الجحيم. وقال وهيب بن خالد: أَنبأنا خالد قال: قلت للحسن: أَلهذه خلق آدم- يعنى السماءَ- أَم للأَرض؟ فقال:لا بل للأَرض.
قال: قلت أَرأَيت لو اعتصم من الخطيئة فلم يعملها، أَكان ترك فى الجنة؟ قال: سبحانه الله أَكَان له بد من أَن يعملها؟ وقال تعالى: {وَجَعَلَنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء:73]، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41]، وقال: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74]، أَى أَئمة يهتدى بنا، ولا تجعلنا أَئمة ضالين يدعون إِلى النار، وقال: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28]، وقال: {وَنُقَلّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوّلَ مَرّةٍ} [الأنعام: 110]، وقال: {وَلَوْ أَنّنَا نَزّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلّمَهُمُ الْمَوْتَىَ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلّ شَيْءٍ قُبُلاً مّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوَاْ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللّهُ} [الأنعام: 111]، وقال زيد بن أسلم: والله ما قالت القدرية كما قال الله ولا كما قال رسله ولا كمال قال أَهل الجنة ولا كما قال أَهل النار ولا كما قال أَخوهم إِبليس، قال الله عز وجل: {وَمَا تَشَاءُون إِلا أَن يَشَاءَ الله} [الإنسان: 30] [التكوير: 29]، وقالت الملائكة: {لا عِلمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32]، وقال شعيب: {وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نّعُودَ فِيهَآ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللّهُ} [الأعراف: 89]، وقال أَهل الجنة: {الْحَمْدُ للّهِ الّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلآ أَنْ هَدَانَا اللّهُ} [الأعراف: 43]، وقال أَهل النار: {غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106]، وقال أَخوهم إِبليس: {رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39]،
وقال مجاهد فى قوله: {وَكُلّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13]، قال: مكتوب فى عنقه شقى أَو سعيد. وقال ابن عباس فى قوله: {وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً} [المائدة: 41] يقول: ومن يرد الله ضلالته لم تغن عنه شيئاً. وذكر الطبرى وغيره من حديث سويد بن سعدٍ عن سوار بن مصعب عن أبى حمزة عن مقسم عن ابن عباس: صعد النبى صلى الله عليه وسلم المنبر، فحمد الله وأَثنى عليه، ثم بسط يده اليمنى فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الله الرحمن الرحيم لأَهل الجنة بأَسمائهم، وأَسماءِ آبائهم وقبائلهم وعشائرهم، فجمل أولهم على آخرهم، لا ينقص منهم ولا يزاد فيهم، فرغ ربكم وقد يسلك بأهل السعادة طريق الشقاءِ حتى يقال [لا ينقض منهم ولا يزاد فيهم. فرغ ربكم. وقد يسلك بأهل السعادة طريق الشقاء حتى يقال] كأَنهم هم بل هم هم، ما أَشبههم بهم بل هم هم فيردهم ما سبق لهم من الله من السعادة، فيعمل بعمل أَهل الجنة فيدخلها قبل موته بفواق ناقة، وقد يسلك بأَهل الشقاءِ طريق السعادة حتى يقال كأَنهم هم بل هم هم، ما أَشبههم بهم بل هم هم، فيردهم ما سبق لهم من الله، فيعمل بعمل أَهل النار فيدخلها ولو قبل موته بفواق ناقة، فصاحب الجنة مختوم له بعمل أَهل الجنة وإِن عمل عمل أَهل النار، وصاحب النار مختوم له بعمل أَهل النار وإِن عمل بعمل أَهل الجنة، ثم قال رسول الله: "الأَعمال بخواتيمها"، وقال على بن أبى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى: {إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6]، وفى قوله: {وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىَ} [الأنعام:35]، وفى قوله {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً} [الأَنعام: 125]، وفى قوله: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَن يَشَآءَ الله} [الأنعام: 111]، وفى قوله: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13]، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} [يونس: 99]، وقوله: {إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً} [يس: 8]، وقوله: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} [الكهف: 28]، ونحو هذا من القرآن، إِن رسول الله كان يحرص أَن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأَخبره الله أَنه لا يؤمن إِلا من سبق له من الله السعادة فى الذكر الأَول، ثم قال لنبيه: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَن لا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 3]، ويقول: {إِن نّشَأْ نُنَزّلْ عَلَيْهِمْ مّنَ السّمَآءِ آيَةً فَظَلّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4]، ثم قال: {مّا يَفْتَحِ اللّهُ لِلنّاسِ مِن رّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} [فاطر: 2]، ويقول: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيءٌ} [آل عمران: 128]، وفى صحيح مسلم عن طاووس: أَدركت ناساً من أَصحاب رسول الله يقولون: كل شيء بقدر. وسمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس"، وفى صحيح مسلم [أيضاً] عن عبد الله بن [عمر] قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كتب الله مقادير الخلق قبل أَن يخلق السماوات والأَرض بخمسين أَلف سنة وعرشه على الماءِ"،
وفى صحيحه أَيضاً عن أَبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوى خير وأَحب إِلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير. فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإِن أصابك شيء فلا تقل: لو أَنى فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاءَ الله فعل. فإِن لو تفتح عمل الشيطان"، وفى صحيحه أَيضاً عن أَبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ النّذْرَ لا يُقَدِّرُ لابن آدمَ شَيئاً لَمْ يَكُنِ اللهُ قَدَّرَهُ وَلَكِنِ النَّذْرُ يُوافِقُ الْقَدَرَ فَيُخْرِجُ ذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ"
وفي حديث جبرائيل وسؤاله النبى صلى الله عليه وسلم عن الإِيمان قال: "الإِيمانُ أَنْ تُؤمنَ باللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ"، وفى الصحيحين حديث ابن مسعود فى التخليق وفيه: "فوالذى لا إِله غيره إِن أَحدكم ليعمل بعمل أَهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إِلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أَهل النار فيدخل النار، وإِن أَحدكم ليعمل بعمل أَهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إِلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أَهل الجنة فيدخلها"، وذكر الطبرى الحسن بن على الطوسى أَنبأَنا محمد بن يزيد الأَسفاطى البصرى محدِّث البصرة قال: رأَيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النوم فقلت: يا رسول الله، حديث عبد الله بن مسعود حدثنى الصادق المصدوق- أَعنى حديث القدر- فقال: إى والله الذى لا إِله إِلا هو حدثت به، رحم الله عبد الله بن مسعود حيث حدث به، ورحم الله حيث حدث به، ورحم الله الأَعمش حيث حدث به، ورحم الله من حدث به قبل الأَعمش، ورحم الله من يحدث به بعد الأَعمش.
وفى صحيح مسلم عن ابن مسعود: "الشقى من شقى فى بطن أُمه، والسعيد من وعظ بغيره"، وقد روى حديث تقدير السعادة والشقاوة فى بطن الأُم من حديث عبد الله بن مسعود، وأَنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وعائشة أُم المؤمنين، وحذيفة بن أُسيد، وأَبى هريرة. وقال أَبو الحسن بن عبيد الحافظ: سمعت أَبا عبد الله بن أَبى خيثمة يقول: سمعت عمرو بن على الفلاس يقول: انحدرت من سرَّ من رأَى إِلى بغداد فى حاجة لى فبينما أَنا أَمشى فى بعض الطريق إِذا بجمجة قد نحرت فأَخذتها، فإِذا على الجبهة مكتوب "شقى" والياءُ مكسورة إِلى خلف. وهؤلاءِ كلهم أَئمة حفاظ، ذكره الطبرى فى السنة. وفى الصحيحين حديث [على عن] النبى صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إِلا كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة"، فقالوا: يا رسول الله، أَفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال: "اعملوا، فكل ميسر لما خلق له: أَما من كان من أَهل السعادة فييسر لعمل أَهل السعادة، وأَما من كان من أَهل الشقاوة فييسر لعمل أَهل الشقاوة"، ثم قرأ: {فأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَي} [الليل: 5- 10]
وفى الصحيحين عن عمران بن حصين أَن النبى صلى الله عليه وسلم سئل: أَعلم أَهل الجنة من أَهل النار؟ قال: "نعم"، قيل [له]: ففيم يعمل [العالمون]؟ قال: "نعم، كل ميسر لما خلق له". وفى صحيح مسلم عن عائشة قالت: "دعى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إِلى جنازة غلام من الأَنصار، فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يدرك السوءَ ولم يعمله، قال: "أَو غير ذلك، إن الله تعالى خلق للجنة أَهلا، خلقهم لها وهم فى أصلاب آبائهم وخلق للنار أَهلا خلقهم لها وهم فى أَصلاب آبائهم"، وفى الصحيحين عن ابن عباس عن أُبى بن كعب عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الغلام الذى قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً، ولو عاش لأَرهق أَبويه طغياناً وكفراً" وفى مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فِى [ظُلْمَةٍ ثم ألقى عليهم من نوره وفى لفظ فجعلهم فى] وَاحِدَةٍ، فَأَخَذَ مِنْ نُورِهِ فَأَلْقَاهُ عَلَى تِلْكَ الظُّلْمَةِ، فَمَنْ أَصَابَهُ النُّورُ اهْتَدَى، ومَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ، فَلِذَلِكَ أَقُولُ:جَفَّ القَلَمُ عَلَى عِلْم الله"، وذكر راشد بن سعد عن أبى عبد الرحمن السلمى أن أَبا قتادة سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "خَلَقَ اللهُ آدَمَ وَأَخْرَجَ الْخَلْقَ مِنْ ظهْرِهِ فَقَالَ: هَؤُلاءِ فِى الْجَنَّةِ وَلا أُبَالِى، وَهَؤُلاءِ فِى النَّارِ وَلا أُبَالِى"، قال: قيل: على ما نعمل؟ قال: "عَلَى مَوَاقعِ الْقَدَرِ"، وذكر أبو داود فى كتاب القدر عن عبد الله بن مسعود أَنه مر على رجل فقالوا: هذا هذا.. ونالوا منه، فقال عبد الله: أَرأَيتم لو قطعتم يده، كنتم تستطيعون أن تخلقوا له يداً؟ قالوا: لا [قال فلو قطع رجله أكنتم تستطيعون أن تخلقوا له رجلاً؟ قالوا لا]. قال: فلو قطع رأْسه، كنتم تستطيعون أن تخلقوا له رأَساً؟ قالوا: لا، قال: فكما لا تستطيعون أن تغيروا خلقه لا تستطيعون أَن تغيروا خُلقه، إِن النطفة إذا وقعت فى الرحم بعث الله ملكاً فكتب أَجله وعمله ورزقه وشقى أَو سعيد. وذكر فيه عن ابن مسعود مرفوعاً: "إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَان: الْهَدْى وَالْكَلام فَأَحْسَنُ الْكَلامِ كَلامُ اللهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْى هَدْى مُحَمَّد، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحَدَثَاتُهَا، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا هُوَ آتِ قَرِيب وَإِنَّ الشَّقِى مَنْ شَقِى فِى بَطْن أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ"، وقال ابن وهب: أخبرنى يونس عن ابن شهاب أن عبد الرحمن ابن هنيدة حدثه أَن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَرَاد اللهُ أَنْ يَخْلُقَ النَّسَمَة قَالَ مَلَكُ الأَرْحَام تَعْرُّفاً: يَا رَبّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِى اللهُ أَمْرَهُ [ثم يقول: يا رب أشقى أم سعيد؟ فيقضى الله أمره]، ثُمَّ يَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَا هُوَ لاقٍ حَتَّى النَّكْبَةُ يُنْكَبُهَا"
وقال الليث عن عقيل عن ابن شهاب: أخبرنى أَبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره سواء. قال الزهرى: وحدثنى عبد الرحمن بن أُذينة عن ابن عمر.. مثل ذلك. وذكر أَبو داود أيضاً عن عائشة يرفعه: "إِن الله حين يريد أَن يخلق الْخلق يبعث ملكاً فيدخل على الرحم فيقول: أَى رب ماذا؟ فيقول: غلام، أَو جارية، أَو ما شاءَ الله أَن يخلق فى الرحم. فيقول: أَى رب، أَشقى أم سعيد؟ فيقول: شقى أو سعيد. فيقول: أى رب، ما أضله، فيقول كذا وكذا. فتقول أى رب، ما خلقه؟ فيقول: كذا وكذا، قال: فيقول: يا رب، ما خلائقه؟ فيقول: كذا وكذا، قال: فمَا من شيء إِلا وهو يخلق معه فى الرحم" وذكر ابن وهب عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أَبى تميم الجيشانى عن أبى ذر أن المنى إِذا مكث فى الرحم أربعين ليلة أَتاه ملك النفوس فعرج به إِلى الرب [تعالى] فى راحته فيقول: يا رب عبدك ذكر أم أُنثى؟ فيقضى الله ما هو قاض. أَشقى أَم سعيد؟ فيكتب ما هو لاق بين عينية. قال أَبو تميم: وقرأ أَبو ذر من فاتحة سورة التغابن خمس آيات. وقال ابن وهب: أَخبرنى ابن لهيعة عن كعب بن علقمة عن عيسى بن هلال عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أَنه قال: إِذا مكثت النطفة فى رحم المرأَة أَربعين يوماً جاءَها ملك فاختلجها، ثم عرج بها إلى الرحمن عز وجل فقال: اخلق يا أَحسن الخالقين. فيقضى الله فيها بما يشاءُ من أَمره، ثم يدفع إِلى الملك، فيسأَل الملك عن ذلك فيقول: يا رب، سقط أَم تم؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب واحد أَو توأَم؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب ذكر أَم أُنثى؟ فيبين له، فيقول: يا رب، أناقص الأجل أم تام الأجل؟ فيبين له ذلك، ثم يقول: يا رب، أشقى أَم سعيد؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب، اقطع رزقه مع [خلقه]، فيهبط بهما جميعاً. فوالذى نفسى بيده ما ينال من الدنيا إِلا ما قسم له، فإِذا أَكل رزقه قبض".
وفى صحيح مسلم: عن حذيفة بن أُسيد يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم قال: "يدخُلُ الْمَلَكُ على النطفة بعد ما تستقر فى الرحم بأَربعين أَو خمس وأَربعين ليلة فيقول: يا رب، أشقى أَم سعيد؟ فيكتبان، فيقول: يا رب أَذكر أَم أُنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله وأَثره ورزقه، ثم تطوى الصحف ولا يزاد فيها ولا ينقص". وفى الصحيحين عن أَنس بن مالك- ورفع الحديث- قال: "إِنَّ اللهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكاً فَيَقُولُ: أَى رَبِ نُطْفَة، أَى رَب عَلَقَة، أَى رَب مُضْغَة، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَقْضِى خَلْقاً قَالَ الْمَلَكُ: أَى رب ذكر أَو أُنثى؟ شقى أَو سعيد، فما الرزق، فما الأَجل؟ فيكتب ذلك فى بطن أُمِّه". وفى الصحيحين من حديث ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم ينفخ فيه الروح، ويبعث إِليه الملك فيؤمر بأَربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقى أَو سعيد". وفى حديث ابن مسعود أَن هذا التقدير وهذه الكتابة فى الطور الرابع من أَطوار التخليق عند نفخ الروح فيه، وفى الأَحاديث التى ذكرت أَيضاً آنفاً أَن ذلك فى الأَربعين الأُولى قبل كونه علقة ومضغة، وفى رواية صحيحة: "إِذا مر بالنطفة ثنتان وأَربعون ليلة بعث الله إِليها ملكاً فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها" وفى رواية: "إِن ذلك يكون فى بضع وأَربعين ليلة" والله أعلم.