ثمرات الاستغفار و آثاره (3)
(3) المتاع الحسن : فالله تعالى يوفق المستغفر إلى حياة طيبة نظيفة، ويشيع فيها الأمن والأمان، والطمأنينة والاستقرار، وراحة البال وسكون القلب والخير العميم ،
يقول تعالى: ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) [هود: 3] ،
خاصة و أنَّ في الاستغفار اعتراف من العبد للرب بوقوعه في الذنب أو التقصير، والاعتراف بالخطيئة والذنب، هو صفة الأنبياء والمرسلين، وقد مرَّ معنا شيء من هذا مما حكاه الله عنه في كتابه ،
و أيضًا هي صفة عباد الله المتقين، يقول تعالى: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) [آل عمران: 135]،
و يقول تعالى: ( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ) [آل عمران: 16، 17].
وإنما كان سيد الاستغفار الذي مرَّ معنا سيدًا لتضمُّنه الإقرار بالذنب من العبد والاعتراف بالخطيئة مع علمه الجازم بأنه لا يغفر الذنوب إلا الله، وهي مرتبةٌ عظيمةٌ وخلَّةٌ سامية، وقد مرَّ معنا شيء من النصوص في هذا الأمر.
ولو ضربنا مثالاً بما يحسه الناس ويشاهدونه ويعايشونه، أن المخالف للقانون والنظام متى ما أخفى مخالفته، وإن كان يجزم بأن أحدًا لم يطِّلع عليها، فهو مهما عاش فإنه يبقى في شغلٍ شاغلٍ وقلقٍ ساهرٍ وحرجٍ في الصدر دائم، فإذا اعترف شعر بحملٍ ثقيل يُلقيه عن كاهله ويزيحه عن صدره ،
فكذلك العبد مع ربِّه سبحانه الغفار للذنوب، الذي يعلم السرَّ وأخفى، فاعترافه بذنبه عن طريق الاستغفار مع علمه بأنَّ الله وعد على الاستغفار محو الذنوب وتكفير السيئات، بل وتبديلها إلى حسنات يزيح عنه همًا طالما أسهره، وضيقًا طالما أثقله، وينقله إلى حياة الطمأنينة والراحة.