حكم العلم بأسماء الله الحسنى
الشيخ / محمد بن إبراهيم التويجري
العلم بأسماء الله وصفاته و أفعاله أشرف العلوم على الإطلاق ، و أعظم أبواب التوحيد ، و أزكى العلوم و أعلاها و أحسنها و أعظمها و أوجبها ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم و هو الله جلا جلاله :
" اعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "
و هذا العلم أشرف ما صُرفت فيه الأنفاس .. و خير ما سعى في تحصيله الأكياس .. و هو عماد السير إلى الله .. و الباب الأعظم لمعرفته و نيل محابه و رضاه .. و هو الصراط المستقيم لكل من أحبه الله و اجتباه :
"فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ "
و الإيمان بالله و أسمائه و أفعاله أساس بنيان الدين و هو من الدين بمنزلة الرأس من الجسد ، و متى كان الأساس راسخاَ حمل البنيان ، و الأقوال و الأعمال بنيان الدين ، و سقفه الأخلاق الحسان .
و أساس كل ذلك الإيمان بالله و أسمائه و صفاته و توحيده بها ، و متى كان الأساس قوياً حمل البنيان ، و إذا تهدم شئ من البنيان سهل تداركه .
و إن كان الأساس غير وثيق لم يحمل البنيان ، و إذا تهدم شئ من الأساس سقط البنيان كله . و على قدر إحكام الأساس يكون علو البنيان :
"وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ".
و أوثق أساس يبني عليه العبد بنيانه مركب من أمرين :
معرفة الله و توحيده بأسمائه الحسنى و صفاته العلى .. و تجريد الانقياد لله و رسوله .
و القرآن كله بيان لهذا الأساس ، و ترسيخ له ، و دعوة إلى إتقانه ، و العمل به ، فهو الغاية التي خلق الله الخلق من أجلها كما قال سبحانه :
" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ".
و قد أمرنا الله عز و جل أن نتعلم هذا العلم الشريف و نعتنى به و نعمل بمقتضاه ، لعظم شانه و علو مقامه ،و كثرة بركاته و خيراته فقال :
"وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "
و قد ذكر الله سبحانه في القرآن كثيراً من أسمائه و صفاته و أفعاله ، و أظهرها في آياته و مخلوقاته ، ليعرف عباده بها ، ليعبدوه بموجبها ، و يدعوه بها .
و أسماء الله و صفاته و أفعاله أحب شئ إلى الله ، و هي أفعل شئ في القرآن و أعظمه و أحسنه ، لأنها صفات الخلق العظيم جل جلاله :
"وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "
فيجب علينا تعلم هذا العلم الشريف ، لأنه أساس التوحيد ، و أعظم أركان الإيمان ، و أعظم أصول الدين ، و عليه تبنى بيوت الإسلام الرفيعة ، و منازلة العالية ، و صفاته الحسنة الجميلة . و لن تستقيم حال البشرية أبداً إلا بمعرفة ربهم بأسمائه و صفاته و أفعاله ، و عبادته وحده لا شريك له ، و العمل بدينه و شرعه الذي به سعادتهم و فلاحهم في الدينا و الآخرة :
" أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "
اللهم اجعلنا من أوليائك المتقين ، و من حزبك الملفحين ، و ثبتنا على الصراط المستقيم حتى نلقاك يا ارحم الراحمين .