خطر الرياء وآثاره
خطر الرياء وآثاره
الرياء خطره عظيم جدًّا على الفرد والمجتمع والأمة؛ لأنه يُحبط العمل والعياذ بالله ويظهر خطره في الأمور الآتية:
أولاً:الرياء أخطر على المسلمين من المسيح الدجال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟: الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيصلي، فيزيّن صلاته لما يرى من نظر رجل)) ([1]).
ثانياً:الرياء أشدّ فتكًا من الذئب في الغنم،قال النبي صلى الله عليه وسلم :((ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسَدَ من حرص المرء على المال والشرف لدينه))([2]).
وهذا مثل ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن فيه أن الدين يفسد بالحرص على المال، وذلك بأن يشغله عن طاعة الله، وبالحرص على الشرف في الدنيا بالدين، وذلك إذا قصد الرياء والسمعة.
ثالثاً: خطورة الرياء على الأعمال الصالحة خطر عظيم؛ لأنه يذهب بركتها، ويُبطلها والعياذ بالله: ]كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [([3]).
هذه هي آثار الرياء تمحق العمل الصالح محقًا في وقت لا يملك صاحبه قوة ولا عونًا، ولا يستطيع لذلك ردًّا.
قال تعالى: ]أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [([4]).
فهذا العمل الصالح أصله كالبستان العظيم كثير الثمار، فهل هناك أحد يحب أن تكون له هذه الثمار والبستان العظيم، ثم يرسل عليها الرياء فيمحقها محقًّا، وهو في أشدِّ الحاجة إليها!!
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عَمِلَ عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه))([5]).
وفي الحديث: ((إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة، ليومٍ لا ريب فيه نادى منادٍ: من كان أشرك في عَمَلٍ عَمِلَهُ لله أحدًا فليطلب ثوابه من عند غير الله؛ فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك))([6]).
رابعاً: يسبب عذاب الآخرة؛ ولهذا أول من تسعّر بهم النار يوم القيامة: قارئ القرآن،والمجاهد،والمتصدّق بماله،الذين فعلوا ذلك ليُقال: فلانٌ قارئ، فلانٌ شجاعٌ، فلانٌ كريم متصدّق.ولم تكن أعمالهم خالصةً لله تعالى([7]).
خامساً:الرياء يُورث الذلّ والصّغار والهوان والفضيحة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((من سمَّع سمَّع الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به))([8]).
سادساً:الرياء يحرم ثواب الآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((بشر هذه الأمة
بالسناء([9])والدين، والرفعة، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب))([10]).
سابعاً:الرياء سبب في هزيمة الأمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم))([11])، وهذا يبيّن أن الإخلاص لله سبب في نصر الأمة على أعدائها، وأن الرياء سبب في هزيمة الأمة!
ثامناً:الرياء يزيد الضلال، قال الله تعالى عن المنافقين: ]يُخَادِعُونَ الله وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا وَلَـهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [([12]).
------------------------
([1]) أخرجه ابن ماجه، كتاب الزهد، باب: الرياء والسمعة، 2/1406، برقم 4204، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/410.
([2])الترمذي، كتاب الزهد، بابٌ: حدثنا سويد، برقم 2376، 4/588، وأحمد، 3/456، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/280.
([3]) سورة البقرة، الآية: 264.
([4]) سورة البقرة، الآية: 266.
([5])مسلم، كتاب الزهد، باب: من أشرك في عمله غير الله، 4/2289، برقم 2985.
([6])الترمذي، كتاب تفسير القرآن،بابٌ:ومن سورة الكهف،5/314،برقم 3154،من حديث
أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري t،وابن ماجه،كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة، 2/1406، برقم 4203،وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب،1/18،وفي صحيح الترمذي، 3/74.
([7])انظر: الحديث في صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار،
3/1514، برقم 1905.
([8])متفق عليه: البخاري، كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة، 7/242، برقم 6499. ومسلم، كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، 4/2289، برقم 2986.
([9]) معناه: ارتفاع المنزلة؛ لأن السناء هو الرفعة. انظر: المصباح المنير، 1/293.
([10]) مسند أحمد، 5/134، والحاكم، 4/418، وصححه الألباني في صحيح الترغيب، 1/15.
([11]) رواه النسائي بلفظه، كتاب الجهاد، باب الاستنصار بالضعيف، 6/45، برقم 3178، وأصله في صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب،
3/296، برقم 2896، وصححه الألباني في صحيح الترغيب، 1/6.
([12]) سورة البقرة، الآيتان: 9-10.