فضائل التقوى


فريق عمل الموقع

علاقة التقوى بالعلم :

  بين التقوى والعلم علاقةٌ قوية وارتباطٌ وثيق،فالتقوىلا تقوم إلا على ساق العلم، فالجاهل لا يمكن أن يكون تقيا، لأنه لا يعلم ما يتقى وما لا يتقى، وهذا غاية التخليط.

  قال ابن رجب رحمه الله تعالى:وأصل التقوى: أن يعلم العبد ما يتقى ثم يتقى.

 ثم إن التقوى قرينة العلم في كتاب الله تعالى ،

قال تعالى: (وَاتّقُواْ اللّهَ وَيُعَلّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

[البقرة : 282]

  فضائل التقوى:

  التقوى شأنها عظيم، ونفعها عميم، لها فضائل لا تحصى، وثمراتٌ لا تعد ، ولها أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة ، وهي طريق النجاة، وسلم الوصول، ومنهاجُ القاصدين ، ومطية الصالحين في سيرهم إلى رب العالمين ، وهاك غَيْضٌ من فيض ونقطةٌ من بحر مما ورد فيفضائل التقوى :

(1)التقوى خير لباس يتزين به العبد

قال تعالى: (يَابَنِيَ آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلّهُمْ يَذّكّرُونَ)

[  الأعراف  : 26]

لباس التقوى العمل الصالح، وامتثال الأوامر واجتناب النواهي ، أن يراك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك .

(2)المتقون هم أولياء الله:

قال تعالى: (أَلآ إِنّ أَوْلِيَآءَ اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتّقُونَ)

[  يونس 62: 63]

و قال تعالى: (إِنّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ اللّهِ شَيْئاً وَإِنّ الظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَاللّهُ وَلِيّ الْمُتّقِينَ)

[  الجاثية  : 19]،

فالمتقون هم أصحاب الولاية حقاً.

(3) الفوز بمعية الله تعالى،

 ومن كان معه الله فمن عليه

،قال تعالى: ( وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ )

[  البقرة  : 194]

(4)الفوز بمحبة الله

 قال تعالى: (بَلَىَ مَنْ أَوْفَىَ بِعَهْدِهِ وَاتّقَى فَإِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُتّقِينَ)

[  آل عمران  : 76]

  والآيةُ دليلٌ أوفى على أن التقوى من أسباب نيل حب الله تعالى ، ووالله الذي لا إله غيرُه لو لم يكن للتوبة من الفضائل إلا نيل حب الله تعالىلكفى بذلك فضلاً وكفى بذلك فوزاً عظيما ، لأن نيلَ حب الله تعالى«هو منتهى أملُ العبد وأقصى غايته وغايةُ النهاية » «وأنت إذا نِلت حبَ الله تعالى فقد فُزْتَ بمعيةِ الله تعالى ، ومن كان معه الله فمن عليه؟ ، وكانت جوارحك معصومةً من الزلل ومُوَفَقَةٌ لصالح العمل ، وأحبك أهل السماء وكنت مقبولاً بين الناس في الأرض»«إذا نِلت حب الله تعالى وفقك الله لفعلِ المأمور وترك المحظور وأن تتذكر البعث والنشور  »، «إذا نِلت حب الله تعالى جعلك تخشى الرحمن وتمثل القرآن وعصمك من العصيان والخذلان واستحواذ الشيطان  »«  إذا نِلت حب الله تعالى وفقك لحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وأن تذكر الموت والبلى فتستحي من الله حق الحياء »بفضل الله تعالى ، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيهما واجعل لهما من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيهما من غرر الفوائد ، ودرر الفرائد.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه  الثابت في صحيح البخاري)

أنَّ النَّبِيِّ   صلى الله عليه وسلم قَالَ:إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ.

  إذا أحبك الله فزت بمعيةالله تعالى فصارت أعضاءك معصومةً من الزلل موفقةً لصالح العمل .

(حديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين)

أنَّ النَّبِيِّ   صلى الله عليه وسلم قَالَ:إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ.

[*]  قال ابن القيم رحمه الله :ولو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه؛ فلمحبته لتوبة عبده ابتلاه بالذنب الذي يوجب وقوع محبوبه من التوبة وزيادة محبته لعبده؛ فإن للتائبين عنده محبة خاصة([1]).

(5) التوفيق للعلم

:لقوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ

[ البقرة: 282]

فيعلمكم الحلال والحرام ومصالحكم وحفظ أموالكم وما أمركم وما نهاكم عنه ويعلمكم كل ما تحتاجون إليه ،  ومن أسباب نقصان العلم و نقص الحفظ وذهاب المسائل وعدم انفتاح النفس للعلم  وعدم الحماسة للعلم؛ المعاصي فهي تصد النفس عن العلم. ومن أسباب تحصيل العلم وانفتاح الذهن والقلب والحماس له؛ التقوى.

(6) الهداية للصواب والتفريق بين الحق والباطل:

لقوله تعالى: إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً

[ الأنفال: 29]

الفرقان في اللغة الذي يفرّق بين الليل والنهار، كالصبح يفرق بين الحق والباطل ، يرى الحق حقاً ويُرْزَقُ اتباعه ويرى الباطل باطلاً ويُرْزَقُ اجتنابه .

(7) تكفير الذنوب وتعظيم أجر المتقين:

لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً

[ الطلاق:5]

(8) المخرج من كل ضيق والرزق من حيث لا يحتسب المتقي،

قال تعالى: ( وَمَن يَتّقِ اللّهَ يَجْعَل لّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ )

[  الطلاق 2، 3].

(9) تيسير الأموربتيسير اللهالذي لا يُضَاهَى :

لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً

[ الطلاق:4]

(10) التقوى سبب قبول العمل ، الذي هو منتهى أمل العبد وأقصى غايتة وغاية النهاية

قال تعالى: ( إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتّقِينَ)

[  المائدة  : 27]

فما منا من أحدٍ إلا منتهى أمله وأقصى غايتة وغاية النهاية أن يتقبل الله عمله وأن لا يكون في جملة

من قال الله تعالى فيه : (وَقَدِمْنَآ إِلَىَ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مّنثُوراً)

[الفرقان : 23]

[*]وكان بعض السلف يقول:لو أعلم أن الله تقبّل مني سجدة واحدة لتمنّيت الموت

لأن الله يقول { إنما يتقبل الله من المتقين}.

(11) التقوى سبب للنجاةمن عذاب الدنياوالآخرة :

قال تعالى: (وَنَجّيْنَا الّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتّقُونَ)

[  فصلت  : 18]

وقال تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى

[ الليل:17]

وقال تعالى: (ثُمّ نُنَجّي الّذِينَ اتّقَواْ وّنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً)

[  مريم  : 72]،

(12) حصول الفلاح:

لقوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

[ البقرة:189]

(13)يرزق بركات من السماء والأرض، والبركة تكثير القليل ، الكثرة، الزيادة، الخير ، العافية،

قال تعالى: (وَلَوْ أَنّ أَهْلَ الْقُرَىَ آمَنُواْ وَاتّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مّنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ  )

[  الأعراف  : 96]

(14) حفظ الأبناء من بعدهم

قال تعالى: (وَلْيَخْشَ الّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتّقُواّ اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً)

[  النساء  : 9]

، فأرشد الله الآباء الذين يخشون ترك ذرية ضعاف بالتقوى في  سائر شؤونهم لكي يحفظ أبناءهم، ويغاثون بالرعاية الإلهية بل  يحفظ فروع الفروع..!،

قال تعالى: (وَأَمّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مّن رّبّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عّلَيْهِ صَبْراً)

[  الكهف  : 82]

ولكن هناك أمر مهم وهو

{وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً}

(15) ومن شرف التقوى أن الله أمر بالتعاون من أجلها :

قال تعالى: ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرّ وَالتّقْوَىَ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ )

[  المائدة  : 2]


المراجع

  1. مدارج السالكين 1/306.


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ فضائل التقوى

  • فضائل التقوى _ الجزء الثاني

    فريق عمل الموقع

    ما زال الحديثُ موصولاً عن «فضائل التقوى» فمن فضائل التقوى: (16) التقوى وصية الله للأولين

    15/12/2010 4586
  • الثاني: مشاهد من ليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    زكريا بن طه الشحادة

    وهذا حبيب الله تعالى، وحبيب رسوله ﷺ أبو حفص، عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقد كان له في رسول الله ﷺ أسوة حسنة؛ فكان

    30/04/2024 300
  • فمن عطل التقوى

    ابن القيم

    قال ابن القيم : كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا، فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا. (الجواب

    21/03/2019 3244
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day