نماذج في التستر و الحياء
انظر رحمك الله إلى هذه النماذج، في التستر والحياء:
♦ فهذا الصّدّيق رضي الله عنه، خطب في المسلمين يوما فقال: " أيها الناس استحيوا من الله، فوالله ما خرجت لحاجة منذ بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم أريد الغائط، إلا وأنا مقنع رأسي حياءً من الله تعالى [ مكارم الأخلاق لابن أبى الدنيا صـ20].
♦ وهذا عثمان رضي الله عنه، يقول عنه الحسن البصري رحمه الله: إنه ليكون في البيت والباب عليه مغلق، فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء يمنعه الحياء أن يقيم صلبه.
عثمان الذي قال عنه النبي: [ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة].
♦ وهذا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يقول: إني لأغتسل في البيت المظلم، فما أقيم صلبي حتى آخذ ثوبي حياءً من ربي عز وجل.
وعن قتادة قال: كان أبو موسى إذا اغتسل في بيت مظلم، تجاذب وحني ظهره حتى يأخذ ثوبه ولا ينتصب قائماً.
♦ وها هو ابن عباس يحكي عنه عكرمة فيقول: إنه لم يدخل الحمام إلا وحده، وعليه ثوب صفيق. وكان يقول: إني أستحي الله أن يراني في الحمام متجرداً.
هذا عن حياء الرجال، فماذا عن حياء النساء؟
انظري أختي المسلمة إلى هؤلاء النساء العفيفات الطاهرات وكيف كان حياؤهن:
♦ ابنة الرجل الصالح الذي استضاف موسى - عليه السلام -:
وهي مثال عال في الحياء والطهر للمرأة المسلمة، إنها ابنة رجل صالح تنحدر من بيت كريم ينضح بالعفاف والطهارة والصيانة وحسن التربية، وكفاها شرفاً ثناء الله عليها في كتابه، قال تعالى: ﴿ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 25].
مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال على استحياء، في غير تبذل ولا تبرج ولا تبجح ولا إغواء.
♦ حياء فاطمة رضي الله عنها، بنتِ محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخرج أبو داود والبيهقي عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ثَوْبٌ، إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ».
♦ حياء الصديقة بنت الصديق - رضي الله عنهما -:
أخرج الإمام أحمد والحاكم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِى الَّذِى دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي فَأَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلاَّ وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَىَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَرَ.
♦ وانظري إلى هذه المرأة السوداء، امرأة من أهل الجنة ما حالها؟
في الصحيحين عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: هذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَلَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتكَشَّفُ، فَادْعُ الله لِي. قَالَ: «إِنْ شِئْتِ، صَبَرْتِ؛ وَلَكِ الجَنَّةُ. وَإِنْ شِئْتِ، دَعَوْتُ الله أَنْ يُعَافِيكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. فَقَالَتْ: إِنِّي أَتكَشَّفُ: فَادْعُ الله أَنْ لاَ أَتكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا.
أختاه !!
اعلمي أن تبرجك دليل على نزع الحياء منك، وأن نزع الحياء منك عقوبة من الله - عز وجل -
قال مالك بن دينار: ما عاقب الله تعالى قلباً بأشد من أن يسلب منه الحياء.
فهل ترضى المرأة المسلمة أن تكون من الصنف الذي أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:
كما في صحيح مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ».
وأخرج الإمام أحمد وابن ماجة والترمذي وأبو داود والبيهقي والحاكم عَنْ أَبِى الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ أَنَّ نِسْوَةً مِنْ أَهْلِ حِمْصَ اسْتَأْذَنَّ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَعَلَّكُنَّ مِنَ اللَّوَاتِي يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: « أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ ».
فمِن أعظم الحياء محافظةُ المرأة المسلمة على كرامتها وحشمتها، ومراقبة ربها، وحفظ حق بعلها، والبعد عن مسالك الرِّيبة ومواطن الرذيلة، لئلا يغيض ماء الحياء ويذهب بالعفاف والبهاء. فاتقين الله يا نساء المؤمنين، والزَمْنَ العفاف والحياء فذلك خير وأبقى.